تفسير التستري، ص : ١٢٥
السورة التي يذكر فيها السجدة
[سورة السجده (٣٢) : آية ٥]
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)
قوله تعالى : يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ [٥] قال : يوحي من أمره إلى عبيده ما لهم فيه هدى ونجاة، يطوي لمن رضي رزق القضاة بتدبير اللّه له، وأسقط عنه سوء تدبيره، ورده إلى حال الرضا بالقضاء والاستقامة في جريان المقدور عليه أولئك من المقربين، وأن اللّه تعالى خلق الخلق من غير حجاب، ثم جعل حجابهم تدبيرهم.
[سورة السجده (٣٢) : آية ١٣]
وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)
قوله تعالى : وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها [١٣] قال : لو شئنا لحققنا دعاوي المحقين، وأدحضنا براهين المبطلين.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٥ الى ١٧]
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)
قوله تعالى : إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً [١٥] قال : لا يجد العبد لذة الإيمان حتى يغلب علمه جهله، ويكون الغالب على قلبه الرحمة.
قوله تعالى : تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ [١٦] قال : إنّ اللّه تعالى وهب لقوم هبة، وهو أن أدناهم من مناجاته، وجعلهم من أهل وسيلته وصلته، ثم مدحهم إلى إظهار الكرم بأنه وفقهم على ما وفقهم له، فقال : تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ [١٦].
قوله تعالى : يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً [١٦] قال : أي خوفا من هجرانه وطمعا في لقائه.
قوله عزّ وجلّ : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [١٧] قال : أعينهم بما شاهدوا من ظاهر الحقائق، وباطنها التي كشفت لهم من مكاشفات، فرأوها وتمسكوا بها، فقرّت أعينهم، وسكنت إليها قلوبهم، وغيرهم لا يعلمون ما أخفي لهم.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.