تفسير التستري، ص : ١٤١
السورة التي يذكر فيها الدخان
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٣]
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣)
قوله تعالى : إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ [٣] قال : أنزل اللّه ليلة القدر القرآن جملة إلى بيت العزة في سماء الدنيا من اللوح المحفوظ على أيدي الملائكة السفرة، وأنزل على روح محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وهو الروح المبارك، فسماها ليلة القدر مباركة لاتصال البركات بعضها ببعض.
[سورة الدخان (٤٤) : آية ١٠]
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠)
قوله تعالى : يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ [١٠] قال : الدخان في الدنيا قسوة القلب والغفلة عن الذكر، ولا عقوبة أعظم في الدنيا من فساد القلب. وقد حكي عن أويس القرني «١» وهرم بن حيان «٢» أنهما التقيا يوما، فقال هرم لأويس : ادع اللّه. فقال : يصلح لك نيتك وقلبك «٣» فلن تعالج شيئا أشد منهما، بينما قلبك مقبل إذ هو مدبر، وبينما هو مدبر إذ هو مقبل، ولا تنظر إلى صغير الخطيئة، وانظر إلى عظمة من عصيت، فإنك إن عظمتها فقد عظمت اللّه تعالى، وإن صغرتها فقد صغرت اللّه تعالى.
قوله تعالى : لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ [٨] قال : لا إله على الحقيقة إلا من يقدر على الإيجاد من العدم، وعلى العدم من الإيجاد.
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٢٤]
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤)
قوله : وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً [٢٤] طريقا ساكنا، وباطنها : اجعل القلب ساكنا إلى تدبيري إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ [٢٤] يعني المخالفين عن توالي تدبير أنفسهم.
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٤٢]
إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢)
قوله : إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ [٤٢] أي من علم اللّه في سابق علمه أنه مرحوم، أدركته في العاقبة بركة تلك الرحمة، حيث جعل المؤمنين بعضهم شفعاء بعض.
________
(١) أويس القرني : أويس بن عامر بن جزء بن مالك (...- ٣٧ ه) : أحد النساك العباد المقدمين، من سادات التابعين. أدرك حياة النبي ولم يره. شهد صفين مع علي. (الحلية ٢/ ٧٩).
(٢) هرم بن حيان العبدي الأزدي (...- بعد ٢٦ ه) : قائد فاتح، من كبار النساك. من التابعين. (الأعلام ٨/ ٨٢).
(٣) في صفوة الصفوة ٣/ ٥٥ :(قال هرم لأويس : أوصني. قال : توسد الموت إذا تمت، واجعله نصب عينيك، وإذا قمت فادع اللّه أن يصلح لك قلبك ونيتك...).


الصفحة التالية
Icon