تفسير التستري، ص : ١٤٦
العقل، فضلوا الطريق، ولو طلبوه من جهة التوفيق والفضل لأدركوه، والمفتاح أن تعلم أن اللّه قائم عليك، رقيب على جوارحك، وتعلم أن العمل لا يكمل إلا بالإخلاص مع المراقبة.
قوله : وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ [١٣] في الآية دليل على تفضيله على الكليم، لأنه لم يخرج خوفا منهم، كما خرج موسى عليه السلام، ولكنه خرج كما قال اللّه تعالى : أَخْرَجَتْكَ [١٣] ولم يقل خرجت ولا جزعت، لأنه للّه وباللّه في جميع أوقاته، فلم يجز منه التفات إلى الغير بحال ما.
قوله : أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ [١٤] قال : المؤمن على بيان من ربه، ومن كان على بينة من ربه لزم الاقتداء بالسنن.
قوله تعالى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ [١٩] قال : الخلق كلهم موتى إلا العلماء، ولذلك دعا نبيه صلى اللّه عليه وسلّم إلى محل الحياة بالعلم بقوله : فَاعْلَمْ [١٩].
[سورة محمد (٤٧) : آية ٣٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (٣٣)
قوله : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [٣٣] أي في تعظيم اللّه، وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ [٣٣] أي برؤيتها من أنفسكم ومطالبة الأعواض من ربكم، فإن العمل الخالص الذي لم يطلب به العوض.
[سورة محمد (٤٧) : آية ٣٨]
ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (٣٨)
قوله تعالى : وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ [٣٨] قال : معرفة السر كله في الفقر، وهو سر اللّه، وعلم الفقر إلى اللّه تعالى تصحيح علم الغنى باللّه عزّ وجلّ.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon