تفسير التستري، ص : ١٥٨
السورة التي يذكر فيها القمر
[سورة القمر (٥٤) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)قوله تعالى : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [١] على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلقتين، حتى ذهبت فلقة وراء جبل حراء، وهي أول علامة من علامات الساعة. وحكي عن أبي عبد الرحمن السلمي «١» قال : كنت مع أبي بالمدائن، وكانت الجمعة، فذهب بي إلى الجمعة وهو آخذ بيدي، فقام حذيفة بن اليمان على المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [١]، ألا وإن الساعة قد اقتربت، وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد أدبرت، ألا وإن المضمار اليوم، والسباق غدا. فلما خرجنا قلت : يا أبت، غدا يستبق الناس. قال : يا بني السباق غدا. [فقلت لأبي : أيستبق الناس غدا؟ قال : يا بني ] «٢» إنك لجاهل، إنّما يقول من عمل اليوم سبق في الآخرة «٣».
[سورة القمر (٥٤) : آية ١٧]
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)
قوله تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [١٧، ٣٢، ٣٩] أي هوّنا القرآن للذكر، ولو لا ذلك لما أطاقت الألسنة أن تتكلم به، فهل من مدكر لهذه النعمة.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٥٢ الى ٥٣]
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣)
قوله تعالى : وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ [٥٢] قال : يعني في الكتب التي تكتبها الحفظة.
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ [٥٣] أي مكتوب في الكتاب، فيعرض عليهم يوم القيامة بين يدي اللّه تعالى. وقد حكي عن أبي حازم «٤» أنه قال : ويحك يا أعرج، ينادى يوم القيامة : يا أهل خطيئة كذا فتقوم معهم، ثم ينادى : يا أهل خطيئة كذا فتقوم معهم، وأراك يا أعرج تقوم مع أهل كل خطيئة «٥»، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
________
(١) أبو عبد الرحمن السلمي : محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزدي السلمي (٣٢٥- ٤١٢ ه) :
شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم. بلغت تصانيفه مائة أو أكثر. (الأعلام ٦/ ٩٩).
(٢) ما بين القوسين إضافة من المستدرك على الصحيحين ٤/ ٦٥١ (رقم ٨٨٠٠).
(٣) المستدرك على الصحيحين ٤/ ٦٥١ (رقم ٨٨٠٠) ومصنف ابن أبي شيبة ٧/ ١٣٩ والحلية ١/ ٢٨١ وتاريخ بغداد ١/ ٢٠٢.
(٤) أبو حازم : سلمة بن دينار المخزومي، ويقال له الأعرج (...- ١٤٠ه) : عالم المدينة وقاضيها وشيخها.
فارسي الأصل. كان زاهدا عابدا. (الحلية ٣/ ٢٢٩).
(٥) الحلية ٣/ ٢٣٠- ٢٣١ وصفوة الصفوة ٢/ ١٦٤.