تفسير التستري، ص : ١٦٠
السورة التي يذكر فيها الواقعة
[سورة الواقعة (٥٦) : آية ٣]
خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣)
قوله تعالى : خافِضَةٌ رافِعَةٌ [٣] قال : يعني القيامة تخفض أقواما بالدعاوى، وترفع أقواما بالحقائق.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٧ الى ١٠]
وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠)
قوله تعالى : وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً [٧] قال : يعني فرقا ثلاثة. فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ [٨] يعني الذين يعطون الكتاب بأيمانهم. وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ [٩] يعني الذين يعطون الكتاب بشمائلهم. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ [١٠] قال هم الذين سبق لهم من اللّه الاختيار والولاية قبل كونهم. الْمُقَرَّبُونَ [١١] في منازل القرب وروح الأنس، وهم الذين سبقوا في الدنيا، فسبق الأنبياء إلى الإيمان باللّه، وسبق الصديقون والشهداء من الصحابة وغيرهم إلى الإيمان بالأنبياء.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)
قوله تعالى : ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ [١٣، ٣٩] قال : يعني فرقة من الأولين وهم أهل المعرفة.
وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ [٤٠] وهم الذين آمنوا بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم وبجميع الرسل والكتب.
قوله تعالى : لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً [٢٥] قال : ما ذاك بمشهد لغو ولا مكان إثم، لأنه محل قدّس بالأنوار للمقدسين من العباد، وقد ظهر منهم وعليهم ما يصلح لذلك المقام.
[سورة الواقعة (٥٦) : آية ٨٣]
فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣)
قوله تعالى : فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ [٨٣] يعني نفسه بلغت الحلقوم، وهو متحير لا يدري ما يصير أمره، كما حكي عن مسروق بن الأجدع «١» أنه بكى حين حضرته الوفاة، فاشتد بكاؤه، فقيل له : ما يبكيك؟ قال : وكيف لا أبكي، وإنما هي ساعة، ثم لا أدري إلى أين يسلك بي «٢».
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٨٨ الى ٩٠]
فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠)
فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ [٨٨] يعني الأنبياء والشهداء والصالحين بعضهم أفضل درجة من بعض، منازلهم في القرب على مقدار قرب قلوبهم من المعرفة باللّه تعالى. فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ [٨٩] في الجنة. وقال أبو العالية «٣» في هذه الآية : لم يكن الرجل منهم يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم تفيض روحه فيها «٤». وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ [٩٠] قال : يعني الموحدين العاقبة لهم لأنهم أمناء اللّه قد أدوا الأمانة، يعني أمره ونهيه والتابعين بإحسان لم يحدثوا شيئا من المعاصي والزلات، فأمنوا الخوف والهول الذي ينال.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
________
(١) مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني الوادعي الكوفي (١- ٦٣ ه) : تابعي، ثقة، من عباد أهل الكوفة. شلت يده يوم القادسية. (تهذيب التهذيب ١٠/ ١٠٠).
(٢) صفوة الصفوة ٣/ ٢٦. [.....]
(٣) أبو العالية : رفيع بن مهران الرياحي البصري (...- ٩٠ ه) : أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بسنتين.
تابعي ثقة، من كبار التابعين. لم يكن أحد بعد الصحابة أعلم بالقراءة منه. (تهذيب التهذيب ٣/ ٢٤٦).
(٤) تفسير ابن كثير ٤/ ٣٢٢.


الصفحة التالية
Icon