تفسير التستري، ص : ١٨١
السورة التي يذكر فيها المدثر صلّى اللّه عليه وسلّم
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)
قوله تعالى : يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ [١- ٢] قال : يا أيها المستغيث من إعانة نفسك على صدرك وقلبك، قم بنا وأسقط عنك ما سوانا، وأنذر عبادنا لأنا قد هيأناك لأشرف المواقف وأعظم المقامات.
[سورة المدثر (٧٤) : آية ٤]
وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)
وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ [٤] قال : أي لا تلبس ثيابك على معصية، فطهره عن حظوظك واشتمل به، كما حكت عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت :(كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خميصة، فأعطاها أبا الجهم وأخذ إنبجانيته. فقيل : يا رسول اللّه، إن الخميصة خير من الإنبجانية.
فقال :«إني كنت أنظر إليها في الصلاة») «١».
[سورة المدثر (٧٤) : آية ١٢]
وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢)
قوله تعالى : وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً [١٢] قال : يعني الوليد بن المغيرة «٢»، جعلت له الحرص وطول الأمل.
[سورة المدثر (٧٤) : آية ٥٦]
وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)
قوله تعالى : هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [٥٦] قال : يعني هو أهل أن يتقى فلا يعصى، وأهل المغفرة لمن يتوب. والتقوى هو ترك كل شيء مذموم، فهو في الأمر ترك التسويف، وفي النهي ترك الفكرة، وفي الآداب مكارم الأخلاق، وفي الترغيب كتمان السر، وفي الترهيب اتقاء الوقوف عند الجهل. والتقوى هو التبري من كل شيء سوى اللّه، فمن لزم هذه الآداب في التقوى فهو أهل المغفرة. وقد حكي أن رجلا أتى عيسى ابن مريم عليه السلام فقال : يا معلم الخير كيف أكون تقيا كما ينبغي؟ قال : بيسير من الأمر، تحب اللّه بقلبك كله، وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت، وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك. قال : من جنسي يا معلم الخير؟
قال : ولد آدم، فما لا تحب أن يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد «٣».
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
________
(١) مسند أحمد ٦/ ٤٦ ومسند إسحاق بن راهويه ٢/ ١٣٧.
(٢) الوليد بن المغيرة بن عبد اللّه المخزومي (٩٥ ق. ه- ١ ه) : من قضاة العرب في الجاهلية، ومن زعماء قريش، ومن زنادقتها. أدرك الإسلام ولم يسلم. (الأعلام ٨/ ١٢٢).
(٣) جامع العلوم والحكم ص ١٨١.


الصفحة التالية
Icon