تفسير التستري، ص : ٣٢ وقتهم نبي غيره، فواجههم بفعل من كانوا من نسلهم ومن فوقهم، كما واجه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بما خاطب به أمته، وذلك قوله : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق : ١] وكذلك معنى قوله : عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ [النبأ : ١- ٢] لأي علة تسألون محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم وهو أعلم بذلك.
وسئل عن قوله : فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [١٧٥] فقال : أي على الفتوى من غير علم من السنة والشرع، والعبودية بعمل أهل النار.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٠٢]
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢)
قوله تعالى : وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [١٠٢] أي بعلم اللّه السابق فيه قبل وقوع ذلك الفعل من الفاعل. قوله تعالى :
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران : ١٠٢] أراد فيما تعبدكم به لا فيما يستحقه الحق في ذاته عزّ وجلّ. قوله : فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً [٥٩] قال : الرجز هو العذاب.
[سورة البقرة (٢) : آية ١١٢]
بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)
قوله تعالى :
بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [١١٢] قال سهل : أي دينه، كما قال في سورة النساء :
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ [النساء : ١٢٥] أي ممن أخلص دينه للّه، وهو الإسلام وشرائعه، وقال، أي في لقمان : وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [لقمان : ٢٢] يعني يخلص دينه للّه.
وسئل عن قوله : لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ [٧٨] يعني أنهم يتمنون على اللّه الباطل ميلا إلى هوى نفوسهم بغير هدى من اللّه، يعني اليهود. قوله : وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [٨٧] قال : القدس هو الحق، يعني الذي طهّر من الأولاد والشركاء والصاحبة.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٢٨]
رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)
قوله : وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ [١٢٨] قال :«الأمة» : الجماعة، و«مسلمة لك»، أي : مسلمة لأمرك ونهيك، بالرضا والقبول منك.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٣٤]
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)
قيل له : ما معنى : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ [١٣٤، ١٤١] قال : أي تلك جماعة مضت لسابق علم اللّه فيهم.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٤٣]
وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٤٣)
قوله : وَسَطاً [١٤٣] أي عدلا. فالمؤمن مصدّق لعباده، كما قال : يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ [التوبة : ٦١]، أي : يصدق اللّه ويصدق المؤمنين. قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [١٤٣] أي شديد الرحمة والرأفة بهم، يعني الرفق والحلم عنهم لعلمه بضعفهم، وأن لا حال لهم إليه لا به ولا منه.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٤٨]
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨)
لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها
[١٤٨] أراد أن اللّه تعالى يولي أهل كل ملة إلى الجهة التي يشاء.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٥٥]
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)
قوله تعالى : وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [١٥٥] قال : هم الذين صار الصبر لهم عيشا وراحة ووطنا، يتلذذون بالصبر للّه تعالى على كل حال.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٥٧]
أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)
قوله : أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [١٥٧] قال سهل : أراد بالصلاة عليهم الترحم عليهم، أي ترحم من ربهم. وقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«اللهم صلّ


الصفحة التالية
Icon