تفسير التستري، ص : ٧١
السورة التي يذكر فيها الأنفال
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)قوله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ [١] قال : التقوى ترك كل شيء تقع عليه فهو في الآداب مكارم الأخلاق وفي الترغيب أن لا يظهر ما في سره، وفي الترهيب أن لا يقف مع الجهل. ولا تصح التقوى إلّا بالمقتدي بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وبالصحابة.
قوله : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [٢] قال : هاجت من خشية الفراق، فخشعت الجوارح للّه بالخدمة.
[سورة الأنفال (٨) : آية ١١]
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (١١)
وقوله تعالى : إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [١١] قال : النعاس ينزل من الدماغ والقلب حي، والنوم على القلب من الظاهر وهو حكم النوم، وحكم النعاس حكم الروح.
[سورة الأنفال (٨) : آية ١٩]
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)
وقوله : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ [١٩] وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر :
اللهم انصر أفضل الدينين عندك، وأرضاهما لديك، فنزل : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا [١٩] يعني تستنصرون «١». وقد روي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين أي يستنصر بفقرائهم «٢».
[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٣]
وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)
وقوله : وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ [٢٣] أي لفتح أقفال قلوبهم بالإيمان.
[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)
وقوله : إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً [٢٩] أي نورا في الدين من الشبهة بين الحق والباطل.
[سورة الأنفال (٨) : آية ٣٧]
لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧)
وقوله : لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [٣٧] قال : الخبيث على ضروب : الكفر والنفاق والكبائر، والطيب على ضروب : وهو الإيمان، فيه درجة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، فأخبر اللّه تعالى أنه يميز بينهما، ثم يجعل الخبيث بعضه على بعض على مقدار ذنوبهم طبقة طبقة، كما قال : إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء : ١٤٥].
________
(١) في السيرة النبوية ٣/ ١٧٦ :(قال أبو جهل بن هشام : اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف، فأحنه الغداة.
فكان هو المستفتح).
(٢) مسند أحمد ٣/ ٩٦ والمعجم الأوسط ٣/ ٣٤٨ وشعب الإيمان ٧/ ٣٣٦.