تفسير التستري، ص : ٧٣
السورة التي يذكر فيها التوبة
قال سهل : أخبرني محمد بن سوار عن مالك بن دينار ومعروف بن علي عن الحسن عن محارب بن دثار «١» عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهم قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما أنزلت سورة براءة :«بعثت بمداراة الناس» «٢».
[سورة التوبة (٩) : آية ٢]
فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢)
قوله تعالى : فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ [٢] يعني سيروا فيها اعتبارا، وباللّه إقرارا.
[سورة التوبة (٩) : آية ٨]
كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (٨)
وقوله تعالى : إِلًّا وَلا ذِمَّةً [١٠] قال : الإلّ هو القرابة، والذمة العهد.
[سورة التوبة (٩) : آية ١٦]
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦)
قوله : وَلِيجَةً [١٦] قال عمر بن واصل العنبري : كل شيء أدخلته شيئا وليس منه فهو وليجة. وقال سهل : يعني لم يغفلوا عنه بميل القلوب إلى أنفسهم.
[سورة التوبة (٩) : آية ٢٩]
قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩)
قوله : وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ [٢٩] أي لا يطيعون، ومن كان في سلطان رجل فهو في دينه، كما قال اللّه تعالى : ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ [يوسف : ٧٦] أي في سلطانه، كذلك إذا دخلت النفس في الإخلاص للّه تعالى، كانت داخلة في سلطان القلب والعقل ونفس الروح وطاعة البدن بالذكر للّه تعالى.
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٢]
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢)
قوله تعالى : يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ [٣٢] يعني يريدون أن يردوا القرآن بتكذيبهم بألسنتهم، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [٣٢] أي يظهر دينه الإسلام.
[سورة التوبة (٩) : آية ٦٧]
الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٦٧)
قوله عزّ وجل : نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [٦٧] قال : يعني نسوا نعم اللّه عندهم، فأنساهم شكر النعم.
[سورة التوبة (٩) : آية ٧١]
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١)
قوله : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [٧١] قال : موالاته مع المؤمنين كف الأذى عنهم. قال : واعلموا أن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يكون لعباد اللّه كالأرض، إذ هم عليها ومنافعهم منها. وقال «٣» : الأصول عندنا سبع : التمسك بكتاب اللّه، والاقتداء برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق.
________
(١) محارب بن دثار بن كردوس السدوسي الشيباني الكوفي (...- ١١٦ ه) : قاضي الكوفة. كان فقيها فاضلا، حسن السيرة، زاهدا شجاعا، من أفرس الناس. وكان من المرجئة في علي وعثمان. (تهذيب التهذيب ١٠/ ٤٥- ٤٦).
(٢) كشف الخفاء ١/ ٣٤١ وشعب الإيمان ٦/ ٣٥١.
(٣) الحلية ١٠/ ١٩٠ ومفتاح الجنة ٧٣.