تفسير التستري، ص : ٨٣
فقال : كيف يكون وجد فراق الحق عزّ وجلّ. وقد عمل بمفارقة مخلوق كل هذا، فشكى بثه وحزنه إلى اللّه تعالى لا إلى غيره.
قوله تعالى : قالَ كَبِيرُهُمْ [٨٠] أي في العقل لا في السن.
قوله تعالى : لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [٨٧] قال سهل : أفضل الخدمة وأعلاها انتظار الفرج من اللّه تعالى، كما حكي عن ابن عمر رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال :«انتظار الفرج بالصبر عبادة» «١» وانتظار الفرج على وجهين : أحدهما قريب، والآخر بعيد فالقريب في السر فيما بين العبد وربه، والبعيد في الخلق فينظر إلى البعيد فيحجب عن القريب.
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠١]
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)
قوله تعالى : تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [١٠١] قال سهل : فيه ثلاثة أشياء، سؤال ضرورة وإظهار فقر واختيار فرض، ومعناه : أمتني وأنا مسلم إليك أمري، مفوض إليك شأني، لا يكون لي إلى نفسي رجوع بحال ولا تدبير بسبب من الأسباب.
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٦]
وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)
قوله تعالى : وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [١٠٦] قال : يعني شرك النفس الأمارة بالسوء كما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا» «٢»، هذا باطن الآية، وأما ظاهرها مشركو العرب يؤمنون باللّه، كما قال : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف : ٨٧] وهم مع ذلك مشركون يؤمنون ببعض الرسل ولا يؤمنون ببعضهم.
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٨]
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)
قوله تعالى : أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ [١٠٨] أي أبلغ الرسالة ولا أملك الهداية، وإنما الهداية إليك. وقد سئل سهل عن قوله عليه السلام :«ولا ينفع ذا الجد منك الجد» «٣»، فقال : أي من جد في الطلب، وكان منك المنع، لم ينفعه جده في الطلب. وقال : إن الخلق لم يكشف لهم سر، ولو كشف لهم لأبصروا، ولم يشاهدوا وإن شاهدوا تم الأمر، وهذا شيء عظيم. ثم قال : أهل لا إله إلا اللّه كثير، والمخلصون منهم قليل، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
________
(١) شعب الإيمان ٧/ ٢٠٤ ومسند الشهاب ١/ ٦٢ وفيض القدير ٣/ ٥٢، وفيه الشرح الآتي :(أي إذا حل بعبد بلاء، فترك الجزع والهلع، وصبر على مر القضاء، فذلك منه عبادة يثاب عليها، لما فيه من الانقياد للقضاء).
(٢) المستدرك على الصحيحين ٢/ ٣١٩ ونوادر الأصول ٤/ ١٤٧ والترغيب والترهيب ٤/ ١٦، وسيعاد في تفسير سورة : المنافقون.
(٣) صحيح البخاري : صفة الصلاة رقم ٨٠٨ وصحيح مسلم : المساجد ومواضع الصلاة رقم ٥٩٣.


الصفحة التالية
Icon