و ﴿ المقنطرة ﴾ مبنية من لفظ القنطار للتوكيد كقولهم : ألف مؤلفة، وبدرة مبدرة.
و﴿ المسومة ﴾ المعلمة، من السومة وهي العلامة.
أو المطهمة أو المرعية من أسام الدابة وسوّمها ﴿ والانعام ﴾ الأزواج الثمانية ﴿ ذلك ﴾ المذكور ﴿ مَّتَاعُ الحياة ﴾.
﴿ لِلَّذِينَ اتقوا عِندَ رَبّهِمْ جنات ﴾ كلام مستأنف فيه دلالة على بيان ما هو خير من ذلكم، كما تقول : هل أدلك على رجل عالم؟
عندي رجل صفته كيت وكيت.
ويجوز أن يتعلق اللام بخير.
واختص المتقين، لأنهم هم المنتفعون به.
وترتفع ﴿ جنات ﴾ على : هو جنات.
وتنصره قراءة من قرأ «جنات» بالجرّ على البدل من خير ﴿ والله بَصِيرٌ بالعباد ﴾ يثيب ويعاقب على الاستحقاق، أو بصير بالذين اتقوا وبأحوالهم، فلذلك أعدّ لهم الجنات.
﴿ الذين يَقُولُونَ ﴾ نصب على المدح، أو رفع.
ويجوز الجرّ صفة للمتقين أو للعباد.
والواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كما لهم في كل واحدة منها.
وقد مرّ الكلام في ذلك.
وخص الأسحار لأنهم كانوا يقدّمون قيام الليل فيحسن طلب الحاجة بعده ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب والعمل الصالح يَرْفَعُهُ ﴾ [ فاطر : ١٠ ] وعن الحسن : كانوا يصلون في أوّل الليل حتى إذا كان السحر أخذوا في الدعاء والاستغفار، هذا نهارهم، وهذا ليلهم.
شبهت دلالته على وحدانيته بأفعاله الخاصة التي لا يقدر عليها غيره، وبما أوحى من آياته الناطقة بالتوحيد كسورة الإخلاص وآية الكرسي وغيرهما بشهادة الشاهد في البيان والكشف، وكذلك إقرار الملائكة وأولي العلم بذلك واحتجاجهم عليه ﴿ قَائِمَاً بالقسط ﴾ مقيماً للعدل فيما يقسم من الأرزاق والآجال، ويثيب ويعاقب، وما يأمر به عباده من إنصاف بعضهم لبعض والعمل على السوية فيما بينهم.
وانتصابه على أنه حال مؤكدة منه كقوله :﴿ وَهُوَ الحق مُصَدّقًا ﴾ [ البقرة : ٩١ ].
فإن قلت : لم جاز إفراده بنصب الحال دون المعطوفين عليه؟
ولو قلت جاءني زيد وعمرو راكباً لم يجز؟
قلت : إنما جاز هذا لعدم الإلباس كما جاز في قوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ﴾ [ الأنبياء : ٧٢ ] إن انتصب نافلة حالا عن يعقوب.