جعلك شبيهة سيدة نساء بنى إسرائيل، ثم جمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم علىّ بن أبى طالب والحسن والحسين وجميع أهل بيته، فأكلوا عليه حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو، فأوسعت فاطمة على جيرانها. إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ من جملة كلام مريم عليها السلام، أو من كلام رب العزّة عزّ من قائل بِغَيْرِ حِسابٍ بغير تقدير لكثرته، أو تفضلا بغير محاسبة ومجازاة على عمل بحسب الاستحقاق.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣٨ إلى ٤١]
هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٨) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١)
هُنالِكَ في ذلك المكان حيث هو قاعد عند مريم في المحراب أو في ذلك الوقت، فقد يستعار هنا «١» وثم وحيث للزمان. لما رأى حال مريم في كرامتها على اللَّه ومنزلتها، رغب في أن يكون له من ايشاع ولد مثل ولد أختها حنة في النجابة والكرامة على اللَّه، وإن كانت عاقراً عجوزاً فقد كانت أختها كذلك. وقيل لما رأى الفاكهة في غير وقتها انتبه على جواز ولادة العاقر ذُرِّيَّةً ولداً. والذرية يقع على الواحد والجمع سَمِيعُ الدُّعاءِ مجيبه. قرئ : فناداه الملائكة. وقيل : ناداه جبريل عليه السلام، وإنما قيل الملائكة على قولهم : فلان يركب الخيل أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ) بالفتح على بأن اللَّه، وبالكسر على إرادة القول. أو لأن النداء نوع من القول.
وقرئ : يبشرك، ويبشرك، من بشره وأبشره. ويبشرك»
، بفتح الياء من بشره. ويحيى إن كان أعجمياً وهو الظاهر فمنع صرفه للتعريف والعجمة كموسى وعيسى، وإن كان عربياً فللتعريف
(١). قال محمود : فقد يستعار هنا وثم وحيث للزمان... الخ» قال أحمد : لا يليق بالنبي أن يقف علمه بجواز ولادة العاقر على مشاهدة مثله، فان العقل يقضى بجواز ذلك في قدرة اللَّه تعالى وإن لم يقع نظيره. وأحسن من هذه العبارة وأسلم أن يقال : لما شاهد وقوع هذا الحادث كرامة لمريم امتد أمله إلى حادث يناسبه كرامة له، واللَّه أعلم.
(٢). قوله «و يبشرك» لعل هذه بدون ضمير الخطاب، وإن كانت السابقة من بشره بفتح الباء أيضاً. (ع)