فلان إذا استوفيته : وقيل : مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن : وقيل :
متوفى نفسك بالنوم من قوله :(وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) ورافعك وأنت نائم حتى لا يلحقك خوف، وتستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يعلونهم بالحجة وفي أكثر الأحوال بها وبالسيف، ومتبعوه هم المسلمون لأنهم متبعوه في أصل الإسلام وإن اختلفت الشرائع، دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ تفسير الحكم قوله فَأُعَذِّبُهُمْ...) (فنوفيهم أجورهم) «١» وقرئ فيوفيهم بالياء.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٥٨]
ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)
ذلِكَ إشارة إلى ما سبق من نبإ عيسى وغيره وهو مبتدأ خبره (نَتْلُوهُ) و(مِنَ الْآياتِ) خبر بعد خبر أو خبر مبتدإ محذوف. ويجوز أن يكون ذلك بمعنى الذي، ونتلوه صلته. ومن الآيات الخبر : ويجوز أن ينتصب ذلك بمضمر تفسيره نتلوه وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ القرآن، وصف بصفة من هو سببه، أو كأنه ينطق بالحكمة لكثرة حكمه.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٥٩]
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)
إِنَّ مَثَلَ عِيسى إن شأن عيسى وحاله الغريبة كشأن آدم. وقوله خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ جملة مفسرة لما له شبه «٢» عيسى بآدم أى خلق آدم من تراب ولم يكن ثمة أب ولا أم، وكذلك حال عيسى. فإن قلت : كيف شبه به وقد وجد هو من غير أب، ووجد آدم من غير أب وأم؟ قلت :
هو مثيله في إحدى الطرفين، فلا يمنع اختصاصه دونه بالطرف الآخر من تشبيهه به، لأنّ المماثلة مشاركة في بعض الأوصاف، ولأنه شبه به لأنه وجد وجودا خارجا عن العادة المستمرة، وهما في ذلك نظيران، ولأن الوجود من غير أب وأم أغرب وأخرق للعادة من الوجود بغير أب، فشبه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم وأحسم لمادة شبهته إذا نظر فيما هو أغرب مما استغربه.
وعن بعض العلماء أنه أسر بالروم فقال لهم : لِمَ تعبدون عيسى، قالوا : لأنه لا أب له. قال. فآدم أولى لأنه لا أبوين له. قالوا : كان يحيى الموتى. قال : فحزقيل أولى، لأن عيسى أحيا أربعة نفر، وأحيا حزقيل ثمانية آلاف. قالوا : كان يبرئ الأكمه والأبرص. قال : فجرجيس أولى، لأنه طبخ وأحرق
(١). قوله «فأعذبهم فنوفيهم» هذا في الذين كفروا. وقوله : فنوفيهم... الخ، في الذين آمنوا. (ع) [.....]
(٢). قوله «لما له شبه» أى للأمر الذي لأجله كان ذلك التشبيه. (ع)