باسم اللَّه فهو أبتر» «١» إلا كان فعلا كلا فعل، جعل فعله مفعولا باسم اللَّه كما يفعل الكتب بالقلم.
والثاني أن يتعلق بها تعلق الدهن بالإنبات «٢» في قوله :(تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) على معنى : متبرّكا بسم اللَّه أقرأ، وكذلك قول الداعي للمعرس : بالرفاء والبنين، معناه أعرست ملتبسا بالرفاء والبنين، وهذا الوجه أعرب وأحسن فإن قلت : فكيف قال اللَّه تبارك وتعالى متبركا باسم اللَّه أقرأ؟ قلت :
هذا مقول على ألسنة العباد، كما يقول الرجل الشعر على لسان غيره، وكذلك :
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ - إلى آخره، وكثير من القرآن على هذا المنهاج، ومعناه تعليم عباده كيف يتبركون باسمه، وكيف يحمدونه ويمجدونه ويعظمونه. فإن قلت : من حق حروف المعاني التي جاءت على حرف واحد أن تبنى على الفتحة التي هي أخت السكون، نحو كاف التشبيه ولام الابتداء وواو العطف وفائه وغير ذلك، فما بال لام الإضافة وبائها بنيتا على الكسر؟
قلت : أما اللام فللفصل بينها وبين لام الابتداء، وأما الباء فلكونها لازمة للحرفية والجر، والاسم أحد الأسماء العشرة التي بنوا أوائلها على السكون، فإذا نطقوا بها مبتدئين زادوا همزة، لئلا يقع ابتداؤهم بالساكن إذا كان دأبهم أن يبتدئوا بالمتحرك ويقفوا على الساكن، لسلامة لغتهم من كل لكنة وبشاعة، ولوضعها على غاية من الإحكام والرصانة، وإذا وقعت في الدرج لم تفتقر إلى زيادة شيء. ومنهم من لم يزدها واستغنى عنها بتحريك الساكن، فقال : سم وسم. قال :
بِاسْمِ الذِي في كلِّ سُورةٍ سِمُهْ»
(١). لم أره هكذا. والمشهور فيه حديث أبى هريرة من رواية قرة عن الزهري عن أبى سلمة عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه بلفظ «لا يبدأ فيه بحمد اللَّه أقطع» أخرجه أبو عوانة في صحيحه، وأصحاب السنن. ولأحمد من هذا الوجه «لا يفتتح بذكر اللَّه فهو أبتر أو أقطع» وللخطيب في الجامع من طريق مبشر بن إسماعيل عن الزهري بلفظ «لا يبدأ فيه ببسم اللَّه الرحمن الرحيم فهو أقطع» والراوي له عن مبشر - مجهول
(٢). قوله «تعلق الدهن بالانبات» هذا يناسب قراءة «تنبت» من أنبت الرباعي : كما يأتى. (ع)
(٣) باسم الذي في كل سورة سمة قد وردت على طريق تعلمه
أرسل فيها بازلا يقرمه فهو بها ينحو طريقاً يعلمه
لرؤبة بن العجاج يصف إبلا. ولفظ «اسم» من الألفاظ العشرة التي سمع بناء أوائلها على السكون كابن وامرئ، فإذا ابتدءوا بها زادوا همزة الوصل ولا حاجة لها في الدرج، وسمع تحريك أول بعضها كما في سمه بتثليث أوله وباسم متعلق بأرسل وباؤه للملابسة. وضمير وردت للسورة. وضمير تعلمه بالفوقية للَّه على طريق الالتفات إلى الخطاب، ويمكن أنه لمخاطب مبهم، وعلى روايته بالتحتية فالضمير للَّه فقط. ويحتمل من بعد أن ضمير وردت للإبل فكذلك تعلمه بالفوقية، وأما بالتحتية فضميره للَّه أو للراعي. والبازل : الذي انشق نابه من الإبل وذلك في السنة التاسعة وربما يزل في الثامنة، وقرم إلى اللحم ونحوه : اشتاق إليه. والتقريم والاقرام : التشويق إليه والجملة حال من الراعي المرسل أو صفة لبازل، وعليه فلم يبرز ضمير الفاعل لأمن اللبس. فهو أى البازل وينحو : أى يقصد بها، والباء للظرفية أو للتعدية إلى المفعول به كذهبت بزيد، ويجوز أن الضمير للراعي فالباء للتعدية فقط. وروى «نزلت» بدل «وردت» وهو يؤيد جعل الضمير للسورة، وروى البيت الثاني قبل الأول.
والمعنى أرسل فيها الراعي ملتبساً بذكر اسم اللَّه بازلا حال كونه يشوقه إليها باعفائه من العمل وحبسه عن الإبل ثم إرساله فيها، فذلك البازل يقصد بها طريق يعرفه وهو طريق الضراب، وعلم ما لا يعقل مجاز عن اهتدائه إلى منافعه، على طريق الاستعارة التصريحية والمجاز المرسل، أو شبهه بالعاقل على طريق المكنية، فالعلم تخييل لذلك التشبيه. وكون اسمه تعالى في كل سورة ظاهر على القول بأن البسملة آية من كل سورة، وإلا ورد مثل سورة العصر. وربما يدفع إيطاء القافية باختلافها في الفاعل وفي معنى المفعول وفي الحقيقة والمجاز.