أَمَا والّذِى لا يَعْلَمُ الغَيْبَ غَيْرُهُ «١»
أَمَا والّذِى أَبْكَى وأَضحَكَ «٢»
ردّ اللَّه ما ادعوه من الانتظام في جملة المصلحين أبلغ ردّ وأدله على سخط عظيم، والمبالغة فيه من جهة الاستئناف وما في كلتا الكلمتين ألا. وإن من التأكيدين وتعريف الخبر وتوسيط الفصل. وقوله : لا يَشْعُرُونَ أتوهم في النصيحة من وجهين : أحدهما تقبيح ما كانوا عليه لبعده من الصواب وجرّه إلى الفساد والفتنة. والثاني : تبصيرهم الطريق الأسد من اتباع ذوى الأحلام، ودخولهم في عدادهم فكان من جوابهم أن سفهوهم لفرط سفههم، وجهلوهم لتمادى
__
(١) أما والذي لا يعلم الغيب غيره ويحيى العظام البيض وهي رميم
لقد كنت أختار القرى طاوى الحشا محاذرة من أن يقال لئيم
وإنى لأستحيى يمينى وبينها وبين فمي داجى الظلام بهيم
لحاتم الطائي. وأصل «أما» مركبة من همزة الاستفهام وما الباقية، فصارت حرفا لاستفتاح القسم وتوكيد الكلام وأقسم بالذي بعلم الغيب والضمائر وهو اللَّه تعالى، لأن جواب القسم من هذا القبيل. وذكر البيض دفعا لتوهم أنها المكية باللحم أو كناية عن طول مدتها عارية عنه، فيشتد بباضها لجفاف دمها وهي رميم بالية. واستواء لمذكر والمؤنث في فعيل بمعنى فاعل كما هنا قليل، والكثير في الذي بمعنى مفعول. لقد كنت أختار القرى : أى جمع الضيفان وإكرامهم. ويجوز أن يروى : أجناز القرى بالجيم والزاى وضم القاف : يصف نفسه بالعفة. ويروى : أختار الجوى بمعنى حرقة القلب من الجوع ونحوه حال كوني عفوفا. وعلى الأولى فالمعنى : حال كوني جائعا، قطي الحشا أى المعدة والأمعاء كناية عن ذلك، وكثر استعمال الطى في هذا المعنى، حتى قيل منه : طوى يطوى كرضى يرضى بمعنى جاع، فهو طيان كجوعان وزنا ومعنى. محاذرة : أى حذرا من قول الناس إنه لئيم لا كريم. وكان يستحى أن يمد يده للطعام إلى فمه، مع أن الليل شديد الظلمة حائل بينهما فيمنعه أن يراها. والبهيم : الذي انبهمت فيه الأشياء لظلمته.
(٢) أما والذي أبكى وأضحك والذي أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى أليفين منها لا يروعهما الذعر
لأبي صخر عبد اللَّه بن سلمي الهذلي. و«أما» استفتاحية ومقدمة وطليعة لليمين. والواو بعدها للقسم : أى وحق الذي أبكى وأضحك حقيقة، أو الذي سر وضر كناية، وهو أنسب بالمقام. والذي أمره : أى مقدره هو المقدر النافذ، أو الذي أمره إذا أراد شيئاً الأمر : أى قوله كن. ويروى «أمر» بلا لام : أى أمر حق عظيم. لقد تركتني جواب القسم : أى صيرتني أحسد الوحش على رؤيتى متآلفين منها، أى الوحش لأنه في معنى الجماعة. لا يروعهما أى لا يخيفهما، لأن الخوف يحل الروع - بالضم - وهو القلب. وذعر ذعراً، كتعب : خاف خوفا. وذعرته ذعرا كضربته ضربا أخفته. أى لا تخيفهما الاخافة. ويجوز أن يراد بالذعر : الأمر المخيف. ويروى : لا يروعهما النفر : أى لا ينفر أحدهما من الآخر فيروعه بذلك.
(١) أما والذي لا يعلم الغيب غيره ويحيى العظام البيض وهي رميم
لقد كنت أختار القرى طاوى الحشا محاذرة من أن يقال لئيم
وإنى لأستحيى يمينى وبينها وبين فمي داجى الظلام بهيم
لحاتم الطائي. وأصل «أما» مركبة من همزة الاستفهام وما الباقية، فصارت حرفا لاستفتاح القسم وتوكيد الكلام وأقسم بالذي بعلم الغيب والضمائر وهو اللَّه تعالى، لأن جواب القسم من هذا القبيل. وذكر البيض دفعا لتوهم أنها المكية باللحم أو كناية عن طول مدتها عارية عنه، فيشتد بباضها لجفاف دمها وهي رميم بالية. واستواء لمذكر والمؤنث في فعيل بمعنى فاعل كما هنا قليل، والكثير في الذي بمعنى مفعول. لقد كنت أختار القرى : أى جمع الضيفان وإكرامهم. ويجوز أن يروى : أجناز القرى بالجيم والزاى وضم القاف : يصف نفسه بالعفة. ويروى : أختار الجوى بمعنى حرقة القلب من الجوع ونحوه حال كوني عفوفا. وعلى الأولى فالمعنى : حال كوني جائعا، قطي الحشا أى المعدة والأمعاء كناية عن ذلك، وكثر استعمال الطى في هذا المعنى، حتى قيل منه : طوى يطوى كرضى يرضى بمعنى جاع، فهو طيان كجوعان وزنا ومعنى. محاذرة : أى حذرا من قول الناس إنه لئيم لا كريم. وكان يستحى أن يمد يده للطعام إلى فمه، مع أن الليل شديد الظلمة حائل بينهما فيمنعه أن يراها. والبهيم : الذي انبهمت فيه الأشياء لظلمته.
(٢) أما والذي أبكى وأضحك والذي أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى أليفين منها لا يروعهما الذعر
لأبي صخر عبد اللَّه بن سلمي الهذلي. و«أما» استفتاحية ومقدمة وطليعة لليمين. والواو بعدها للقسم : أى وحق الذي أبكى وأضحك حقيقة، أو الذي سر وضر كناية، وهو أنسب بالمقام. والذي أمره : أى مقدره هو المقدر النافذ، أو الذي أمره إذا أراد شيئاً الأمر : أى قوله كن. ويروى «أمر» بلا لام : أى أمر حق عظيم. لقد تركتني جواب القسم : أى صيرتني أحسد الوحش على رؤيتى متآلفين منها، أى الوحش لأنه في معنى الجماعة. لا يروعهما أى لا يخيفهما، لأن الخوف يحل الروع - بالضم - وهو القلب. وذعر ذعراً، كتعب : خاف خوفا. وذعرته ذعرا كضربته ضربا أخفته. أى لا تخيفهما الاخافة. ويجوز أن يراد بالذعر : الأمر المخيف. ويروى : لا يروعهما النفر : أى لا ينفر أحدهما من الآخر فيروعه بذلك.