فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ وهم كفار العرب فِي أُمَمٍ في موضع الحال، أى كائنين في جملة أمم، وفي غمارهم مصاحبين لهم، أى ادخلوا في النار مع أمم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ وتقدّم زمانهم زمانكم لَعَنَتْ أُخْتَها التي ضلت بالاقتداء بما حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها أى تداركوا بمعنى تلاحقوا واجتمعوا في النار قالَتْ أُخْراهُمْ منزلة وهي الأتباع والسفلة لِأُولاهُمْ منزلة وهي القادة والرؤوس. ومعنى لأولاهم : لأجل أولاهم، لأن خطابهم مع اللّه لا معهم عَذاباً ضِعْفاً مضاعفا لِكُلٍّ ضِعْفٌ لأنّ كلا من القادة والأتباع كانوا ضالين مضلين وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ قرئ بالياء والتاء فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ عطفوا هذا الكلام على قول اللّه تعالى للسفلة لِكُلٍّ ضِعْفٌ أى فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا، وأنا متساوون في استحقاق الضعف فَذُوقُوا الْعَذابَ من قول القادة، أو من قول اللّه لهم جميعاً.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٠ إلى ٤١]
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١)
لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ لا يصعد لهم عمل صالح إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ. وقيل : إنّ الجنة في السماء، فالمعنى لا يؤذن لهم في صعود السماء ولا يطرّق لهم إليها ليدخلوا الجنة. وقيل : لا تصعد أرواحهم إذا ماتوا كما تصعد أرواح المؤمنين.
وقيل : لا تنزل عليهم البركة ولا يغاثون، ففتحنا أبواب السماء. وقرئ : لا تفتح، بالتشديد.
ولا يفتح بالياء. ولا تفتح، بالتاء والبناء للفاعل ونصب الأبواب، على أنّ الفعل للآيات. وبالياء على أن الفعل للّه عز وجل. وقرأ ابن عباس : الجمل، بوزن القمل. وسعيد بن جبير : الجمل، بوزن النغر. وقرئ : الجمل «بوزن القفل. والجمل، بوزن النصب. والجمل. بوزن الحبل. ومعناها القلس الغليظ «لأنه حبال جمعت وجعلت جملة واحدة. وعن ابن عباس رضى اللّه عنه : إنّ اللّه أحسن تشبيهاً من أن يشبه بالجمل، يعنى أن الحبل مناسب للخيط الذي يسلك في سم الإبرة، والبعير لا يناسبه، إلا أن قراءة العامّة أوقع لأن سم الابرة مثل في ضيق المسلك. يقال : أضيق من خرت الابرة. وقالوا للدليل الماهر : خرّيت، للاهتداء به في المضايق المشبهة بأخرات الإبر.
والجمل : مثل في عظم الجرم. قال :


الصفحة التالية
Icon