وقيل : خذ الفضل وما تسهل من صدقاتهم، وذلك قبل نزول آية الزكاة، فلما نزلت أمر أن يأخذهم بها طوعاً أو كرهاً. والعرف : المعروف والجميل من الأفعال وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم، ولا تمارهم، واحلم عنهم، وأغض على ما يسوؤك منهم. وقيل :
لما نزلت الآية سأل جبريل فقال : لا أدرى حتى أسأل «١»، ثم رجع فقال : يا محمد، إن ربك أمرك أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك. وعن جعفر الصادق :
أمر اللّه نبيه عليه الصلاة والسلام بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٠٠]
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ وإما ينخسنك منه نخس، بأن يحملك بوسوسته على خلاف ما أمرت به فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ولا تطعه. النزغ والنسغ : الغرز والنخس، كأنه ينخس الناس حين يغريهم على المعاصي. وجعل النزغ نازغا، كما قيل جدّ جدّه. وروى أنها لما نزلت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «كيف يا رب والغضب «٢»» فنزل وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ ويجوز أن يراد بنزغ الشيطان اعتراء الغضب، كقول أبى بكر رضى اللّه عنه : إنّ لي شيطاناً يعتريني «٣»
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٢٠١ إلى ٢٠٢]
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)

__
(١). أخرجه الطبري من طريق سفيان بن عيينة عن أبى المرادي قال لما أنزل اللّه فذكره وهذا منقطع. وأخرجه ابن مردويه موصولا من حديث جابر ومن حديث قيس بن سعد، وزاد في أوله «لما نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى حمزة قال : واللّه لأمثلن بسبعين منهم. فجاء جبريل بهذه الآية، فذكر الحديث» وفي مسند أحمد عن عقبة بن عامر «أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال له : يا عقبة، ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا : أن تصل من قطعك وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وغفل الطيبي فقال في حديث الأصل : رواه أحمد من حديث عقبة بن عامر.
(٢). أخرجه الطبري من رواية ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم «لما نزلت»
فذكره مفصلا.
(٣). أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده. وابن سعد في الطبقات قالا : حدثنا وهب بن جرير حدثنا جرير بن حازم سمعت الحسن يقول «خطب أبو بكر رضى اللّه عنه يوما، فقال : أما واللّه، ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامى هذا كارها. ولوددت أن فيكم من يكفيني أفرط، وأن أعمل فيكم بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذ؟؟؟؟ أقوم لها، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يعتصم بالوحي. وكان معه ملك. وإن لي شيطانا يعتريني. فإذا غضبت فاجتنبوني الحديث» رواه عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن الحسن نحوه. ورويناه في جزء الأنصارى من طريق أبى هلال عن الحسن قال «لما استخلف أبو بكر بدأ بكلام واللّه ما تكلم به أحد غيره» فذكر نحوه.


الصفحة التالية
Icon