إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ هم الملائكة صلوات اللّه عليهم. ومعنى عِنْدَ دنوّ الزلفة، والقرب من رحمة اللّه تعالى وفضله، لتوفرهم على طاعته وابتغاء مرضاته وَلَهُ يَسْجُدُونَ ويختصونه بالعبادة لا يشركون به غيره، وهو تعريض بمن سواهم من المكلفين.
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من «قرأ سورة الأعراف جعل اللّه يوم القيامة بينه وبين إبليس ستراً، وكان آدم شفيعاً له يوم القيامة» «١»
سورة الأنفال
مدنية، [إلا من آية ٣٠ إلى غاية آية ٣٦ فمكية] وهي خمس وسبعون آية [نزلت بعد البقرة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ١ إلى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)
النفل : الغنيمة، لأنها من فضل اللّه تعالى وعطائه. قال لبيد :
إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ «٢»
__
(١). ذكرت أسانيده في تفسير آل عمران وسيأتى في آخر الكتاب.
(٢) إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن اللّه ريثى وعجل
أحمد اللّه فلا ند له بيديه الخير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى ناعم البال ومن شاء أضل
للبيد بن ربيعة العامري، شبه الثواب الذي وعده اللّه عباده على التقوى بالنفل - بالتحريك - وهو ما يعده الامام المجاهد تحريضا على اقتحام الحرب فاستعار النفل له على طريق التصريحية وأخبر به عن التقوى لأنها سببه. ويجوز استعارة النفل التقوى يجامع النفع، وبإذن اللّه وتسهيله. ريثى : أى بطئى، وعجل : أى سرعتي، فحذفت ياء الاضافة للوزن، فلا ند : أى لا مثل له، بيديه : أى بقدرته التي هي كالآلة في أفعاله تعالى كاليدين لأفعالنا. ويحتمل أنه شبه خزائنه سبحانه باليد فيها شيء، لسهولة تصرفه فيما فيها واختصاصه به، فالباء بمعنى في. وتثنية اليد للمبالغة في التشبيه، ولا مانع من جعله ترشيحا للاستعارة على الوجهين. «ما شاء فعل» أى ما أراده فعله، وبين ذلك بقوله «من هداه طرق الخير اهتدى» حتما حال كونه طيب الشأن. ومن شاء إضلاله أضله حتما، أى تركه ونفسه ومنعه لطفه، حتى يضل حال كونه كاسف البال أى حزين القلب في العاقبة، فهي حال منتظرة «أو سيء الحال والشأن، وهذا محذوف معلوم من المقابلة بما قبله.


الصفحة التالية
Icon