والنفل ما ينفله الغازي، أى يعطاه زائداً على سهمه من المغنم، وهو أن يقول الإمام تحريضاً على البلاء في الحرب : من قتل قتيلا فله سلبه. أو قال لسرية : ما أصبتم فهو لكم، أو فلكم نصفه أو ربعه. ولا يخمس النفل، ويلزم الإمام الوفاء بما وعد منه. وعند الشافعي رحمه اللّه في أحد قوليه : لا يلزم. ولقد وقع الاختلاف بين المسلمين في غنائم بدر، وفي قسمتها، فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كيف تقسم، ولمن الحكم في قسمتها؟ أللمهاجرين أم للأنصار؟ أم لهم جميعاً؟
فقيل له : قل لهم هي لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «١» وهو الحاكم فيها خاصة يحكم فيها ما يشاء، ليس لأحد غيره فيها حكم. وقيل شرط لمن كان له بلاء في ذلك اليوم أن ينفله، فتسارع شبانهم حتى قتلوا سبعين وأسروا سبعين، فلما يسر اللّه لهم الفتح اختلفوا فيما بينهم وتنازعوا، فقال الشبان :
نحن المقاتلون، وقال الشيوخ والوجوه الذين كانوا عند الرايات : كنا ردآ لكم وفئة تنحازون إليها إن انهزمتم «٢» وقال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المغنم قليل والناس كثير : وإن تعط هؤلاء ما شرطت لهم حرمت أصحابك. فنزلت. وعن سعد بن أبى وقاص : قتل أخى عمير يوم بدر، فقتلت به سعيد بن العاص «٣» وأخذت سيفه فأعجبنى، فجئت به إلى رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم فقلت : إنّ اللّه قد شفى صدري من المشركين، فهب لي هذا السيف فقال :
ليس هذا لي ولا لك، اطرحه في القبض «٤» فطرحته وبى مالا يعلمه إلا اللّه تعالى من قتل أخى وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم وقد أنزلت

__
(١). أخرجه أحمد وإسحاق وابن حبان والحاكم من حديث أبى أمامة عن عبادة بن الصامت. قال : خرجنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم فشهدنا معه بدرا. فالتقى الناس. فهزم اللّه العدو. فذكر الحديث في اختلافهم في قسمة الغنائم. قال : فنزلت ويسألونك عن الأنفال - الآية. فقسمها النبي صلى اللّه عليه وسلم بين المسلمين.
(٢). أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم من رواية داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «من أتى مكان كذا وكذا فله من النفل كذا وكذا. فتسارع إليه الشبان وثبت الشيوخ تحت الرايات - الحديث» قلت : وأما قوله «حتى قتلوا سبعين وأسروا سبعين» فليس في هذا الحديث.
(٣). «قوله فقتلت به سعيد بن العاص» في حواشي البيضاوي : أنه العاص بن سعيد. (ع)
(٤). قوله «في القبض - كسبب - : المال المقبوض. (ع)


الصفحة التالية
Icon