أى بمذق مقول فيه هذا القول، لأنه سمار فيه لون الورقة «١» التي هي لون الذئب. ويعضد المعنى الأخير قراءة ابن مسعود : لتصيبنّ، على جواب القسم المحذوف. وعن الحسن : نزلت في علىّ وعمار وطلحة والزبير وهو يوم الجمل خاصة. قال الزبير : نزلت فينا وقرأناها زماناً، وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيون بها. وعن السدى : نزلت في أهل بدر فاقتتلوا يوم الجمل. وروى «أن الزبير كان يساير النبي صلى اللّه عليه وسلم يوماً، إذ أقبل علىّ رضى اللّه عنه، فضحك إليه الزبير فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كيف حبك لعلّى؟ فقال يا رسول اللّه، بأبى أنت وأمى، إنى أحبه كحبي لوالدي أو أشدّ حبا. قال : فكيف أنت إذا سرت إليه تقاتله» «٢» فإن قلت : كيف جاز أن يدخل النون المؤكدة في جواب الأمر؟ قلت : لأنّ فيه معنى النهى، إذا قلت : انزل عن الدابة لا تطرحك، فلذلك جاز لا تطرحنك ولا تصيبنّ ولا يحطمنكم. فإن قلت : فما معنى «من» في قوله الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ؟ قلت : التبعيض على الوجه الأوّل، والتبيين على الثاني، لأنّ المعنى : لا تصيبنكم خاصة على ظلمكم، لأن الظلم أقبح منكم من سائر الناس «٣».

__
(١). قوله «لأنه سمار فيه لون الورقة» قوله «سمار» هو - بالفتح - لبن رقيق. وتسمير اللبن. ترقيقه بالماء.
والورقة : بياض يضرب إلى سواد وإلى خضرة اه صحاح. (ع)
(٢). لم أجده هكذا وإنما رواه ابن أبى شيبة من طريق الأسود بن قيس حدثني من رأى الزبير يعقص الخيل فناداه على : يا أبا عبد اللّه فأقبل حتى التقت أعناق دوابهما فقال له على : أنشدك اللّه، أتذكر يوم أتانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا أناجيك فقال : أتناجيه؟ واللّه ليقاتلنك وهو لك ظالم قال : فضرب الزبير وجه دابته فانصرف «و روى البيهقي في الدلائل من طريق أبى حرب بن أبى الأسود الديلمي عن أبيه قال :«لما دنا على وأصحابه من طلحة والزبير ودنت الصفوف بعضها من بعض خرج على فنادى : ادعوا لي الزبير فأقبل حتى اختلفت أعناق دوابهما فقال على رضى اللّه عنهما يا زبير، نشدتك اللّه، أتذكر يوم مر بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونحن بمكان كذا وكذا فقال : يا زبير، أتحب عليا؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي وابن عمّتى وعلى قريبي؟ قال : أما واللّه لتقاتلنه وأنت له ظالم؟ قال، بلى، ولكنى نسيته وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة قال «لما ولى الزبير يوم الجمل بلغ عليا فقال : لو كان يعلم أنه على حق ما ولى وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لقيه في سقيفة بنى ساعدة فقال : أتحبه يا زبير؟ قال : وما يمنعني؟ قال : فكيف بك إذا قاتلته». [.....]
(٣). قوله «أقبح منكم من سائر الناس» لعله منه من سائر الناس. (ع)


الصفحة التالية
Icon