صلى اللّه عليه وسلم، كقوله وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ وأن يراد بذكره إيجاب سهم سادس يصرف إلى وجه من وجوه القرب. وأن يراد بقوله فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ أن من حق الخمس أن يكون متقرّبا به إليه لا غير. ثم خص من وجوه القرب هذه الخمسة، تفضيلا لها على غيرها. كقوله تعالى وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فعلى الاحتمال الأول مذهب الإمامين. وعلى الثاني ما قال أبو العالية :
أنه يقسم على ستة أسهم : سهم للّه تعالى يصرف إلى رتاج الكعبة «١». وعنه : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه، فيأخذ منه قبضة فيجعلها للكعبة وهو سهم اللّه تعالى، ثم يقسم ما بقي على خمسة «٢». وقيل : إن سهم اللّه تعالى لبيت المال، وعلى الثالث مذهب مالك بن أنس. وعن ابن عباس رضى اللّه عنه أنه كان على ستة أسهم للّه وللرسول سهمان، وسهم لأقاربه حتى قبض، فأجرى أبو بكر رضى اللّه عنه الخمس على ثلاثة. وكذلك روى عن عمر ومن بعده من الخلفاء. وروى أنّ أبا بكر رضى اللّه عنه منع بنى هاشم الخمس وقال : إنما لكم أن يعطى فقيركم ويزوّج أيمكم ويخدم من لا خادم له منكم، فأما الغنى منكم فهو بمنزلة ابن سبيل غنىّ لا يعطى من الصدقة شيئا، ولا يتيم موسر. وعن زيد بن على رضى اللّه عنه : كذلك قال، ليس لنا أن نبنى منه قصوراً، ولا أن نركب منه البراذين. وقيل : الخمس كله للقرابة. وعن على رضى اللّه عنه أنه قيل له : إنّ اللّه تعالى قال وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ فقال : أيتامنا ومساكيننا.
وعن الحسن رضى اللّه عنه في سهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أنه لولى الأمر من بعده.
وعن الكلبي رضى اللّه عنه أنّ الآية نزلت ببدر. وقال الواقدي : كان الخمس في غزوة بنى قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أيام للنصف من شوال، على رأس عشرين شهراً من الهجرة. فإن قلت :
بم تعلق قوله إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ؟ قلت : بمحذوف يدل عليه وَاعْلَمُوا المعنى : إن كنتم آمنتم باللّه فاعلموا أنّ الخمس من الغنيمة يجب التقرب به، فاقطعوا عنه أطماعكم واقتنعوا بالأخماس الأربعة، وليس المراد بالعلم المجرّد، ولكنه العلم المضمن بالعمل، والطاعة لأمر اللّه تعالى،
(١). قوله «يصرف إلى رتاج الكعبة» في الصحاح «الرتج» بالتحريك : الباب العظيم، وكذلك الرتاج. ومنه.
وتاج الكعبة، (ع)
(٢). أخرجه أبو داود في كتاب المراسيل من طريق الربيع بن أنس عن أبى العالية. قال «كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا أتى بالغنيمة قسمها خمسة أقسام، ثم يقبض بيده قبضة من الخمس أجمع ثم يقول : هذه الكعبة. ثم يقول لا تجعلوا للّه نصيباً فان للّه الآخرة والدنيا ثم يأخذ سهما لنفسه وسهما لذي القربى وسهما اليتامى، وسهما لمساكين، وسهما لابن السبيل، أخرجه أبو عبيدة في الأموال، والطبري من هذا الوجه.