الموقف. وتبرؤ شركائهم منهم ومن عبادتهم، كقوله تعالى ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا. وقرئ : فزايلنا بينهم، كقولك : صاعر خدّه وصعره، وكالمته وكلمته. ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ إنما كنتم تعبدون الشياطين، حيث أمروكم أن تتخذوا للّه أنداداً فأطعتموهم.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٩ إلى ٣٠]
فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)
إِنْ كُنَّا هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، وهم الملائكة والمسيح ومن عبدوه من دون اللّه من أولى العقل، وقيل : الأصنام ينطقها اللّه عزّ وجلّ فتشافههم بذلك مكان الشفاعة التي زعموها وعلقوا بها أطماعهم هُنالِكَ في ذلك المقام وفي ذلك الموقف أو في ذلك الوقت على استعارة اسم المكان للزمان تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ تختبر وتذوق ما أَسْلَفَتْ من العمل فتعرف كيف هو، أقبيح أم حسن، أنافع أم ضارّ، أمقبول أم مردود؟ كما يختبر الرجل الشيء ويتعرّفه ليكتنه حاله. ومنه قوله تعالى يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ وعن عاصم : نبلو كلَّ نفس، بالنون ونصب كل : أى نختبرها باختبار ما أسلفت من العمل، فنعرف حالها بمعرفة حال عملها : إن كان حسناً فهي سعيدة، وإن كان سيئاً فهي شقية. والمعنى : نفعل بها فعل الخابر، كقوله تعالى لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ويجوز أن يراد نصيب بالبلاء وهو العذاب كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشر. وقرئ : تتلو، أى تتبع ما أسلفت، لأنَّ عمله هو الذي يهديه إلى طريق الجنة أو إلى طريق النار. أو تقرأ في صحيفتها ما قدّمت من خير أو شر مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ربهم الصادق ربوبيته، لأنهم كانوا يتولون ما ليس لربوبيته حقيقة. أو الذي يتولى حسابهم وثوابهم، العدل الذي لا يظلم أحداً. وقرئ : الحق، بالفتح على تأكيد قوله رُدُّوا إِلَى اللَّهِ كقولك هذا عبد اللّه الحق لا الباطل. أو على المدح كقولك : الحمد للّه أهل الحمد وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ وضاع عنهم ما كانوا يدعون أنهم شركاء للّه. أو بطل عنهم ما كانوا يختلقون من الكذب وشفاعة الآلهة.


الصفحة التالية
Icon