إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً شاهدين رقباء نحصي عليكم إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ من أفاض في الأمر إذا اندفع فيه وَما يَعْزُبُ قرئ بالضم والكسر : وما يبعد وما يغيب، ومنه : الروض العازب وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ القراءة بالنصب والرفع، والوجه النصب على نفى الجنس، والرفع على الابتداء ليكون كلاما برأسه، وفي العطف على محل مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ أو على لفظ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فتحاً في موضع الجرّ لامتناع الصرف : إشكال، لأنّ قولك «لا يعزب عنه شيء إلا في كتاب» مشكل. فإن قلت : لم قدّمت الأرض على السماء، بخلاف قوله في سورة سبأ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ؟ قلت :
حق السماء أن تقدم على الأرض، ولكنه لما ذكر شهادته على شئون أهل الأرض وأحوالهم وأعمالهم، ووصل بذلك قوله لا يَعْزُبُ عَنْهُ لاءم ذلك أن قدّم الأرض على السماء، على أنّ العطف بالواو حكمه حكم التثنية.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٢ إلى ٦٤]
أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤)
أَوْلِياءَ اللَّهِ الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة. وقد فسر ذلك في قوله الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ فهو توليهم إياه هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
فهو توليه إياهم. وعن سعيد بن جبير أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سُئل : من أولياء اللّه؟
فقال :«هم الذين يذكر اللّه برؤيتهم «١» يعنى السمت والهيئة. وعن ابن عباس رضى اللّه عنه :
الإخبات والسكينة. وقيل : هم المتحابون في اللّه. وعن عمر رضى اللّه عنه : سمعت النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يقول «إنّ من عباد اللّه عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من اللّه» قالوا يا رسول اللّه، خبرنا من هم وما أعمالهم؟ فلعلنا نحبهم، قال :«هم قوم تحابوا في اللّه على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فو اللّه إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس»
(١). أخرجه ابن أبى شيبة من رواية أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبى المغيرة عنه به وابن مردويه من طريق يحيى الحمامي عن يعقوب السهمي عن جعفر كذلك ووصله النسائي والبزار من رواية محمد بن سعيد بن سابق عن يعقوب بذكر ابن عباس. قال : سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أولياء اللّه قال : الذين إذا رأوا ذكر اللّه. قال البزار : رواه غير محمد عن يعقوب بغير ذكر ابن عباس.