تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ
لا تغيير لأقواله ولا إخلاف لمواعيده، كقوله تعالى ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ولِكَ
إشارة إلى كونهم مبشرين في الدارين، وكلتا الجملتين اعتراض،
[سورة يونس (١٠) : آية ٦٥]
وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥)
وَلا يَحْزُنْكَ وقرئ : ولا يحزنك، من أحزنه قَوْلُهُمْ تكذيبهم لك، وتهديدهم، وتشاورهم في تدبير هلاكك وإبطال أمرك، وسائر ما يتكلمون به في شأنك إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ استئناف بمعنى التعليل، كأنه قيل : مالى لا أحزن؟ فقيل، إنّ العزة للّه جميعاً، أى إن الغلبة والقهر في ملكة اللّه جميعاً، لا يملك أحد شيئاً منها لا هم ولا غيرهم، فهو يغلبهم وينصرك عليهم كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي. إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وقرأ أبو حيوة. أن العزة، بالفتح بمعنى : لأن العزة على صريح التعليل. ومن جعله بدلا من قولهم ثم أنكره، فالمنكر هو تخريجه، لا ما أنكر من القراءة به هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يسمع ما يقولون. ويعلم ما يدبرون ويعزمون عليه. وهو مكافئهم بذلك.
[سورة يونس (١٠) : آية ٦٦]
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦)
مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ يعنى العقلاء المميزين وهم الملائكة والثقلان، وإنما خصهم، ليؤذن أن هؤلاء إذا كانوا له وفي ملكته فهم عبيد كلهم، وهو سبحانه وتعالى، ربهم ولا يصلح أحد منهم للربوبية، ولا أن يكون شريكا له فيها، فما وراءهم مما لا يعقل أحق أن لا يكون له نداً وشريكا، وليدلّ على أنّ من اتخذ غيره ربا من ملك أو إنسى فضلا عن صنم أو غير ذلك، فهو مبطل تابع لما أدّى إليه التقليد وترك النظر. ومعنى : وما يتبعون شركاء، أى : وما يتبعون حقيقة الشركاء وإن كانوا يسمونها شركاء، لأنّ شركة اللّه في الربوبية محال إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا ظنهم أنها شركاء وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ يحزرون ويقدرون أن تكون شركاء تقديراً باطلا. ويجوز أن يكون وَما يَتَّبِعُ في معنى الاستفهام، يعنى : وأى شيء يتبعون. وشُرَكاءَ على هذا نصب بيدعون، وعلى الأوّل بيتبع. وكان حقه. وما يتبع الذين يدعون من دون اللّه شركاء شركاء، فاقتصر على أحدهما للدلالة. ويجوز أن تكون «ما» موصولة معطوفة على «من» كأنه قيل : وللّه ما يتبعه الذين يدعون من دون اللّه شركاء، أى :
وله شركاؤهم. وقرأ على بن أبى طالب رضى اللّه عنه : تدعون، بالتاء، ووجهه أن يحمل وَما يَتَّبِعُ على الاستفهام، أى : وأى شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين، يعنى :