إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ باتين القول ببطلانه. ويجوز أن تضمن «قلت» معنى «ذكرت» ومعنى قولهم إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أنّ السحر أمر باطل، وأن بطلانه كبطلان السحر تشبيهاً له به. أو أشاروا «١» بهذا إلى القرآن لأنّ القرآن هو الناطق بالبعث، فإذا جعلوه سحراً فقد اندرج تحته إنكار ما فيه من البعث وغيره. وقرئ : إن هذا إلا ساحر، يريدون الرسول، والساحر : كاذب مبطل،
[سورة هود (١١) : آية ٨]
وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨)
الْعَذابَ عذاب الآخرة. وقيل عذاب يوم بدر. وعن ابن عباس : قتل جبريل المستهزئين إِلى أُمَّةٍ إلى جماعة من الأوقات ما يَحْبِسُهُ ما يمنعه من النزول استعجالا له على وجه التكذيب والاستهزاء. ويَوْمَ يَأْتِيهِمْ منصوب بخبر ليس، ويستدل به من يستجيز تقديم خبر ليس على ليس، وذلك أنه إذا جاز تقديم معمول خبرها عليها، كان ذلك دليلا على جواز تقديم خبرها، إذ المعمول تابع للعامل، فلا يقع إلا حيث يقع العامل وَحاقَ بِهِمْ وأحاط بهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ العذاب الذي كانوا به يستعجلون. وإنما وضع يستهزئون موضع يستعجلون، لأنّ استعجالهم كان على جهة الاستهزاء. والمعنى : ويحيق بهم إلا أنه جاء على عادة اللّه في أخباره.
[سورة هود (١١) : الآيات ٩ إلى ١١]
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١)
الْإِنْسانَ للجنس رَحْمَةً نعمة من صحة وأمن وجدة ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ ثم سلبنا تلك النعمة إِنَّهُ لَيَؤُسٌ شديد اليأس من أن تعود إليه مثل تلك النعمة المسلوبة. قاطع رجاءه من سعة فضل اللّه من غير صبر ولا تسليم لقضائه ولا استرجاع كَفُورٌ عظيم الكفران لما سلف له من التقلب في نعمة اللّه نَسَّاءٌ له ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي أى المصائب التي ساءتني إِنَّهُ لَفَرِحٌ أشر
(١). قوله «أو أشاروا بهذا» لعله : وأشاروا. (ع)