العقوبة، بوزن السمرة. والمثلة لما بين «١» العقاب والمعاقب عليه من المماثلة، وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ويقال : أمثلت الرجل من صاحبه وأقصصته منه. والمثال : القصاص. وقرئ الْمَثُلاتُ بضمتين لإتباع الفاء العين. والمثلات، بفتح الميم وسكون الثاء، كما يقال : السمرة «٢». والمثلات بضم الميم وسكون الثاء، تخفيف المثلات بضمتين. والمثلات جمع مثلة كركبة وركبات «٣» لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ أى مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب. ومحله الحال، بمعنى ظالمين لأنفسهم «٤» وفيه أوجه. أن يريد السيئات المكفرة لمجتنب الكبائر. أو الكبائر بشرط التوبة. أو يريد بالمغفرة الستر والإمهال. وروى أنها لما نزلت قال النبي عليه الصلاة والسلام «لو لا عفو اللّه وتجاوزه ما هنأ أحد العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد» «٥»
[سورة الرعد (١٣) : آية ٧]
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧)
لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ لم يعتدوا بالآيات المنزلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عناداً، فاقترحوا نحو آيات موسى وعيسى، من انقلاب العصاحية، وإحياء الموتى، فقيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنما أنت رجل أرسالات منذراً ومخوّفاً لهم من سوء العاقبة، وناصحاً كغيرك من الرسل، وما عليك إلا الإتيان بما يصح به أنك رسول منذر، وصحة ذلك حاصلة بأية آية كانت، والآيات كلها سواء في حصول صحة الدعوة بها لا تفاوت بينها، والذي عنده كل شيء بمقدار يعطى كل نبى آية على حسب ما اقتضاه علمه بالمصالح وتقديره لها وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ من الأنبياء يهديهم إلى الدين، ويدعوهم إلى اللّه بوجه من الهداية، وبآية خص بها، ولم يجعل الأنبياء شرعاً واحداً «٦» في آيات مخصوصة. ووجه آخر : وهو أن يكون المعنى أنهم

__
(١). قوله «المثلة لما بين» عبارة النسفي «و المثلة العقوبة لما بين... الخ. (ع)
(٢). قوله «كما يقال السمرة»
لعله السمرة والسمرات. (ع)
(٣). قوله «كركبة وركبات» في الصحاح الركبة معروفة وجمع القلة ركبات وركبات وركبات. وفي هامشه عن مرتضى : أى بسكون الكاف وضمها وفتحها، والراء مضمومة فيهن. (ع) [.....]
(٤). قال محمود :«و محل على ظلمهم الحال بمعنى ظالمين لأنفسهم... الخ» قال أحمد : والوجه الحق بقاء الوعد على إطلاقه إلا حيث دل الدليل على التقييد في غير الموحد، فان ظلمه أعنى شركه لا يغفر وما عدا الشرك فغفرانه في المشيئة. والزمخشري يبنى على عقيدته التي وضح فسادها، في استحالة الغفران لصاحب الكبائر وإن كان موحدا إلا بالتوبة، فيقيد مطلقا، ويحجر واسعا، واللّه الموفق.
(٥). أخرجه ابن أبى حاتم والثعلبي من رواية حماد بن سلمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب : لما نزلت وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ الآية، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم... فذكره.
(٦). قوله «و لم يجعل الأنبياء شرعا واحدا» أى سواء، كذا في الصحاح. (ع)


الصفحة التالية
Icon