خَوْفاً وَطَمَعاً لا يصح أن يكونا مفعولا لهما «١» لأنهما ليسا بفعل فاعل الفعل المعلل إلا على تقدير حذف المضاف، أى : إرادة خوف وطمع. أو على معنى إخافة وإطماعاً. ويجوز أن يكونا منتصبين على الحال من البرق، كأنه في نفسه خوف وطمع. أو على : ذا خوف وذا طمع. أو من المخاطبين، أى : خائفين وطامعين. ومعنى الخوف والطمع : أنّ وقوع الصواعق يخاف عند لمع البرق، ويطمع في الغيث. قال أبو الطيب :
فَتى كَالسَّحَابِ الْجُونِ تُخْشَى وَتُرْتَجَى يُرْجَى الْحَيَا مِنْهَا وَيُخْشَى الصَّوَاعِقُ «٢»
وقيل : يخاف المطر من له فيه ضرر، كالمسافر، ومن له في جرينه التمر والزبيب، ومن له بيت يكف «٣»، ومن البلاد مالا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر، ويطمع فيه من له فيه نفع، ويحيا به السَّحابَ اسم الجنس، والواحدة سحابة. والثِّقالَ جمع ثقيلة، لأنك تقول سحابة ثقيلة، وسحاب ثقال، كما تقول : امرأة كريمة ونساء كرام، وهي الثقال بالماء وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ويسبح سامع الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له. أى يضجون بسبحان اللّه والحمد للّه. وعن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول «سبحان من يسبح الرعد بحمده» «٤» وعن على رضى اللّه عنه : سبحان من سبحت له. وإذا اشتدّ الرعد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «اللهمّ لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك» «٥» وعن ابن عباس أنّ اليهود سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الرعد ما هو؟ فقال :«ملك من
(١). قال محمود :«خوفا وطمعا لا يصح أن يكون مفعولا لهما لأنهما ليسا بفعل... الخ» قال أحمد : أو مفعولا لهما، على أن المفعول له في مثل هذا الفعل فاعل في المعنى، لأنه إذا أراهم فقد رأوا، والأصل : وهو الذي يريكم البرق فترونه خوفاً وطمعاً، أى : ترقبونه وتتراءونه، تارة لأجل الخوف وتارة لأجل الطمع، واللّه أعلم.
(٢). يقول : هو فتى شجاع جواد، يخشى شره، ويرجى خيره، فهو كالسحاب الأسود. والجون : الأسود :
ويطلق على الأبيض. ورواه ابن جنى بالضم ليكون جمعا، أى السود المظلمات، لأن السحاب جمع في المعنى. يرتجى الحياء : أى المطر، منها. ونخشى صواعقها، وهي قطع النار التي تنزل منها.
(٣). قوله «و من له بيت يكف» وكف البيت يكف : قطر يقطر، كذا في الصحاح. (ع)
(٤). أخرجه الطبري من رواية إسرائيل عن ليث عن رجل عن أبى هريرة رفعه «أنه كان إذا سمع الرعد قال سبحان من يسبح الرعد بحمده» ورواه البخاري في الأدب المفرد، موقوفا على كعب بن مالك.
(٥). أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وأبو يعلى والحاكم من رواية الحجاج بن أرطاة عن أبى مضر عن سالم ابن عبد اللّه عن أبيه قال الترمذي : غريب.