الجمع، أى صفاتها أُكُلُها دائِمٌ كقوله لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ وَظِلُّها دائم لا ينسخ، كما ينسخ في الدنيا بالشمس.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٦]
وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦)
وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يريد من أسلم من اليهود، كعبد اللّه بن سلام وكعب وأصحابهما، ومن أسلم من النصارى وهم ثمانون رجلا : أربعون بنجران، واثنان وثلاثون بأرض الحبشة، وثمانية من أهل اليمن، هؤلاء يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ يعنى ومن أحزابهم وهم كفرتهم الذين تحزبوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعداوة نحو كعب بن الأشرف وأصحابه، والسيد والعاقب أسقفى نجران وأشياعهما مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ لأنهم كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام والمعاني هو ثابت في كتبهم غير محرف، وكانوا ينكرون ما هو نعت الإسلام ونعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وغير ذلك مما حرّفوه وبدّلوه من الشرائع. فإن قلت : كيف اتصل قوله قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ بما قبله؟
قلت : هو جواب للمنكرين معناه : قل إنما أمرت فيما أنزل إلىّ بأن أعبد اللّه ولا أشرك به.
فإنكاركم له إنكار لعبادة اللّه وتوحيده فانظروا ما ذا تنكرون مع ادعائكم وجوب عبادة اللّه وأن لا يشرك به قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وقرأ نافع في رواية أبى خليد : ولا أشرك بالرفع على الاستئناف كأنه قال : وأنا أشرك به ويجوز أن يكون في موضع الحال على معنى : أمرت أن أعبد اللّه غير مشرك به. إِلَيْهِ أَدْعُوا خصوصاً لا أدعو إلى غيره وَإِلَيْهِ لا إلى غيره مرجعي، وأنتم تقولون مثل ذلك، فلا معنى لإنكاركم.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٣٧]
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧)
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ ومثل ذلك الإنزال أنزلناه مأموراً فيه بعبادة اللّه وتوحيده والدعوة إليه وإلى دينه، والإنذار بدار الجزاء حُكْماً عَرَبِيًّا حكمة عربية مترجمة بلسان العرب، وانتصابه على الحال. كانوا يدعون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى أمور يوافقهم عليها منها أن يصلى إلى قبلتهم بعد ما حوّله اللّه عنها، فقيل له : لئن تابعتهم على دين ما هو إلا أهواء وشبه بعد ثبوت العلم عندك بالبراهين والحجج القاطعة، خذلك اللّه فلا ينصرك ناصر، وأهلكك