كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً لما أظهر من الأدلة على رسالتي وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ والذي عنده علم القرآن «١» وما ألف عليه من النظم المعجز الفائت لقوى البشر. وقيل : ومن هو من علماء أهل الكتاب «٢» الذين أسلموا. لأنهم يشهدون بنعته في كتبهم : وقيل هو اللّه عز وعلا «٣» والكتاب : اللوح المحفوظ. وعن الحسن : لا واللّه ما يعنى إلا اللّه. والمعنى : كفى بالذي يستحق العبادة وبالذي لا يعلم علم ما في اللوح إلا هو، شهيداً بيني وبينكم. وتعضده قراءة من قرأ ومن عنده علم الكتاب، على من الجارّة، أى. ومن لدنه علم الكتاب، لأن علم من علمه من فضله ولطفه. وقرئ : ومن عنده علم الكتاب على من الجارّة. وعلم، على البناء للمفعول. وقرئ :
وبمن عنده علم الكتاب. فإن قلت : بم ارتفع علم الكتاب؟ قلت : في القراءة التي وقع فيها عنده صلة يرتفع العلم بالمقدّر في الظرف، فيكون فاعلا، لأنّ الظرف إذا وقع صلة أوغل في شبه الفعل لاعتماده على الموصول، فعمل عمل الفعل، كقولك : مررت بالذي في الدار أخوه، فأخوه فاعل، كما تقول : بالذي استقرّ في الدار أخوه. وفي القراءة التي لم يقع فيها عنده صلة يرتفع العلم بالابتداء.
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «من قرأ سورة الرعد أعطى من الأجر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى وكل سحاب يكون إلى يوم القيامة، وبعث يوم القيامة من الموفين بعهد اللّه «٤»
(١). قال محمود :«المراد والذي عنده علم القرآن... الخ» قال أحمد : فيكون المراد حينئذ : جنس المؤمنين. [.....]
(٢). قال محمود :«و قيل ومن هو من علماء أهل الكتاب الذين أسلموا لأنهم يشهدون بنعته في كتبهم» قال أحمد : فالكتاب على التأويل الأول مراد به القرآن خاصة، وعلى الثاني جنس الكتب المتقدمة عليه.
(٣). قال محمود :«و قيل هو اللّه عز وجل، والكتاب، اللوح المحفوظ. وعن الحسن : لا واللّه ما يعنى إلا اللّه والمعنى : كفى بالذي يستحق العبادة وبالذي لا يعلم ما في اللوح المحفوظ إلا هو، شهيداً بيني وبينكم. وتعضده قراءة من قرأ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ على من الجارة» قال أحمد : وإنما قدر الزمخشري في المعطوف عليه اسم اللّه بالذي يستحق العبادة، حذراً من عطف الصفة على الموصوف، وعدولا إلى أنه عطف إحدى الصفتين على الأخرى تقديراً وإنما أخذ الحصر حيث يقول : ومن لا يعلم علم الكتاب إلا هو من أنه قدم الخبر الذي هو عنده على مبتدئه، وشأن الزمخشري أخذ الحصر من التقديم، واللّه الموفق للصواب.
(٤). تقدم إسناده في آل عمران.