مرحبا بك يا ابن أخى. أما واللّه إنى لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال اللّه تعالى وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ فقال له قائل : كلا، اللّه أعدل من أن يجمعك وطلحة في مكان واحد، فقال : فلمن هذه الآية لا أمّ لك «١»؟ وقيل : معناه طهر اللّه قلوبهم من أن يتحاسدوا على الدرجات في الجنة، ونزع منها كل غل، وألقى فيها التوادّ والتحاب. وإِخْواناً نصب على الحال. وعَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ كذلك. وعن مجاهد. تدور بهم الأسرة حيثما داروا، فيكونون في جميع أحوالهم متقابلين.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٤٩ إلى ٥٠]
نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠)
لما أتم ذكر الوعد والوعيد أتبعه نَبِّئْ عِبادِي تقريراً لما ذكر وتمكيناً له في النفوس.
وعن ابن عباس رضى اللّه عنه : غفور لمن تاب، وعذابه لمن لم يتب. وعطف وَنَبِّئْهُمْ على نبئ عبادي، ليتخذوا ما أحل من العذاب بقوم لوط عبرة يعتبرون بها سخط اللّه وانتقامه من المجرمين، ويتحققوا عنده أنّ عذابه هو العذاب الأليم.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥١ إلى ٥٦]
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥)
قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (٥٦)
سَلاماً أى نسلم عليك سلاماً، أو سلمت سلاماً وَجِلُونَ خائفون، وكان خوفه لامتناعهم من الأكل. وقيل : لأنهم دخلوا بغير إذن وبغير وقت. وقرأ الحسن : لا توجل، بضم التاء من أوجله يوجله إذا أخافه. وقرئ : لا تأجل. ولا تواجل، من واجله بمعنى أوجله.
وقرئ نُبَشِّرُكَ بفتح النون والتخفيف إِنَّا نُبَشِّرُكَ استئناف في معنى التعليل للنهى عن

__
(١). أخرجه الطبراني في الأوسط والعقيلي وابن سعد من طريق الحارث الأعور قال : كنت عند على بن أبى طالب إذ جاءه عمران بن طلحة فذكره - وفيه «فقال الحرث - يعنى الراوي - : اللّه أجل وأعدل من ذلك وله طريق أخرى أخرجها الحاكم من طريق ربعي بن خراش قال «إنى لعند على جالس إذ جاءه ابن طلحة، فسلم عليه فرحب به، فقال : ترحب بى يا أمير المؤمنين، وقد قلت والدي، وأخذت مالى؟ قال : أما مالك فهو معزول في بيت المال، أعد إليه فخذه. وأما أبوك فانى أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال اللّه تعالى وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ الآية فقال رجل من همدان، فذكره. ورواه الحاكم أيضا والطبري من طريق أبى حبيبة مولى طلحة قال : دخل عمران بن طلحة على على رضى اللّه عنه. وذكر نحوه.


الصفحة التالية
Icon