والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب وغيرهم، أو مثل ما أنزلنا على الرهط الذين تقاسموا على أن يبيتوا صالحاً عليه السلام، والاقتسام بمعنى التقاسم. فإن قلت : إذا علقت قوله : كَما أَنْزَلْنا بقوله : وَلَقَدْ آتَيْناكَ فما معنى توسط لا تَمُدَّنَّ إلى آخره بينهما؟ قلت : لما كان ذلك تسلية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن تكذيبهم وعداوتهم، اعترض بما هو مدد لمعنى التسلية. من النهى عن الالتفات إلى دنياهم والتأسف على كفرهم، ومن الأمر بأن يقبل بمجامعه على المؤمنين عِضِينَ أجزاء، جمع عضة، وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء. قال رؤبة :
وَلَيْسَ دِينُ اللَّهِ بِالْمَعْضِىِ
وقيل : هي فعلة، من عضهته إذا بهته «١». وعن عكرمة : العضة السحر، بلغة قريش، يقولون للساحرة عاضهة. ولعن النبي صلى اللّه عليه وسلم العاضهة «٢» والمستعضهة، نقصانها على الأوّل واو، وعلى الثاني هاء.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٩٢ إلى ٩٣]
فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)
لَنَسْئَلَنَّهُمْ عبارة عن الوعيد. وقيل. يسألهم سؤال تقريع. وعن أبى العالية : يسأل العباد عن خلتين : عما كانوا يعبدون، وما ذا أجابوا المرسلين.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩٤]
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤)
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ فاجهر به وأظهره. يقال : صدع بالحجة إذا تكلم بها جهاراً، كقولك : صرح بها، من الصديع وهو الفجر، والصدع في الزجاجة : الإبانة. وقيل :
فَاصْدَعْ فافرق بين الحق والباطل بما تؤمر، والمعنى : بما تؤمر به من الشرائع فحذف الجارّ، كقوله :
أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ فَافْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ «٣»
(١). قوله «إذا بهته» أى اتهمته. (ع)
(٢). أخرجه أبو يعلى وابن عدى من حديث ابن عباس. وفي إسناده زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، وهما ضعيفان. وله شاهد عند عبد الرزاق من رواية عن ابن جريج عن عطاء.
(٣) فقال لي قول ذى رأى ومقدرة محرر نزه خال من الريب
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب
لخفاف بن ندبة، وقيل : لعباس بن مرداس. وقيل : لعمرو بن معديكرب. وقيل : لا ياس بن موسى، والمقدرة :
مثلث الدال : القوة، والمحرر النزه - كحذر - : الخالص من الغش. والريب، أى الشبه، وهو نعت لذي رأى.
ولو جعلته نعتا للرأى لكان فيه الفصل بين النعت والمنعوت بالعطف. ويجوز رفعه على أنه نعت مقطوع للقول.
والنشب : المال الأصل صامتا أو ناطقا، فهو من عطف الخاص على العام. ويروى : ذا نسب، بالمهملة : أى نسب عظيم، وأمر : يتعدى للثاني بالباء. ويقال : أمرتك الخير على التوسع، أو تضمين التكليف، وجمعهما الشاعر في البيت.