لَكُمْ متعلق بأنزل، أو بشراب، خبراً له. والشراب ما يشرب شَجَرٌ يعنى الشجر الذي ترعاه المواشي. وفي حديث عكرمة : لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت «١». يعنى الكلأ تُسِيمُونَ من سامت الماشية إذا رعت، فهي سائمة، وأسامها صاحبها، وهو من السومة وهي العلامة، لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض. وقرئ : ينبت، بالياء والنون. فإن قلت :
لم قيل وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ؟ قلت : لأنّ كل الثمرات لا تكون إلا في الجنة، وإنما أنبت في الأرض بعض من كلها للتذكرة يَتَفَكَّرُونَ ينظرون فيستدلون بها عليه وعلى قدرته وحكمته.
والآية : الدلالة الواضحة. وعن بعضهم : ينبت، بالتشديد. وقرأ أبىّ بن كعب : ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب، بالرفع.
[سورة النحل (١٦) : آية ١٢]
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢)
قرئت كلها بالنصب على : وجعل النجوم مسخرات. أو على أنّ معنى تسخيرها للناس :
تصييرها نافعة لهم، حيث يسكنون بالليل، ويبتغون من فضله بالنهار، ويعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر، ويهتدون بالنجوم. فكأنه قيل : ونفعكم بها في حال كونها مسخرات لما خلقن له بأمره. ويجوز أن يكون المعنى : أنه سخرها أنواعا من التسخير جمع مسخر، بمعنى تسخير، من قولك : سخره اللّه مسخراً، كقولك : سرحه مسرحاً، كأنه قيل : وسخرها لكم تسخيرات بأمره. وقرئ بنصب الليل والنهار وحدهما، ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر.
وقرئ : والنجوم مسخرات، بالرفع. وما قبله بالنصب، وقال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فجمع الآية. وذكر العقل، لأنّ الآثار العلوية أظهر دلالة على القدرة الباهرة، وأبين شهادة للكبرياء والعظمة.
[سورة النحل (١٦) : آية ١٣]
وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٣)
(١). أخرجه أبو عبيد في الأحوال عنه موقوفا. وزاد نحوه. وروى عبد الرزاق من طريق وهب بن منبه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «اتقوا السحت قالوا : وما السحت؟ قال : بيع الشجر، وثمن الخمر، وإجارة الأمة المساحقة.