من الزوج الأوّل. وقيل : المعنى وجعل لكم حفدة، أى خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ويجوز أن يراد بالحفدة : البنون أنفسهم، كقوله سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً كأنه قيل : وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون، أى جامعون بين الأمرين مِنَ الطَّيِّباتِ يريد بعضها، لأنّ كل الطيبات في الجنة، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وهو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها، وما هو إلا وهم باطل لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة، فليس لهم إيمان إلا به، كأنه شيء معلوم مستيقن. ونعمة اللّه المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل وتمييز : هم كافرون بها منكرون لها كما ينكر المحال الذي لا يتصوره العقول.
وقيل : الباطل ما يسوّل لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما. ونعمة اللّه : ما أحل لهم.
[سورة النحل (١٦) : آية ٧٣]
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣)
الرزق يكون بمعنى المصدر، وبمعنى ما يرزق، فإن أردت المصدر نصبت به شَيْئاً كقوله أَوْ إِطْعامٌ...... يَتِيماً على : لا يملك أن يرزق شيئاً. وإن أردت المرزوق كان شيئا بدلا منه بمعنى قليلا. ويجوز أن يكون تأكيداً للا يملك : أى لا يملك شيئاً من. الملك. ومِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ : صلة للرزق إن كان مصدراً بمعنى : لا يرزق من السموات مطرا، ولا من الأرض نباتاً. أو صفة إن كان اسما لما يرزق. والضمير في وَلا يَسْتَطِيعُونَ لما، لأنه في معنى الآلهة، بعد ما قيل لا يَمْلِكُ على اللفظ. ويجوز أن يكون للكفار، يعنى : ولا يستطيع هؤلاء - مع أنهم أحياء متصرفون أولو ألباب - من ذلك شيئا، فكيف بالجماد الذي لا حسن به.
فإن قلت : ما معنى قوله وَلا يَسْتَطِيعُونَ بعد قوله لا يَمْلِكُ؟ وهل هما إلا شيء واحد؟ قلت :
ليس في لا يَسْتَطِيعُونَ تقدير راجع، وإنما المعنى : لا يملكون أن يرزقوا، والاستطاعة منفية عنهم أصلا، لأنهم موات، إلا أن يقدر الراجع ويراد بالجمع بين نفى الملك والاستطاعة للتوكيد أو يراد : أنهم لا يملكون الرزق ولا يمكنهم أن يملكوه، ولا يتأتى ذلك منهم ولا يستقيم.
[سورة النحل (١٦) : آية ٧٤]
فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧٤)
فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ تمثيل للإشراك باللّه والتشبيه به «١»، لأنّ من يضرب الأمثال
(١). قال محمود :«تمثيل للاشراك باللّه والتشبيه به... الخ» قال أحمد : فعلى تفسيره الأول يكون قوله لِلَّهِ متعلقا بالأمثال، كأنه قيل : فلا تمثلوا اللّه ولا تشبهوه. وعلى الثاني يكون متعلقا بالفعل الذي هو تضربوا، كأنه قيل : فلا تمثلوا للّه الأمثال، فان ضرب المثل إنما يستعمل من العالم لغير العالم، ليبين له ما خفى عنه، واللّه تعالى هو العالم وأنتم لا تعلمون، فتمثيل غير العالم للعالم عكس الحقيقة، واللّه أعلم.