على البرد وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ يريد الدروع والجواشن «١» والسربال عامّ يقع على كل ما كان من حديد وغيره لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ أى تنظرون في نعمه الفائضة فتؤمنون به وتنقادون له. وقرئ : تسلمون، من السلامة : أى تشكرون فتسلمون من العذاب. أو تسلم قلوبكم من الشرك. وقيل : تسلمون من الجراح بلبس الدروع.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٨٢ إلى ٨٣]
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (٨٣)
فَإِنْ تَوَلَّوْا فلم يقبلوا منك فقد تمهد عذرك بعد ما أدّيت ما وجب عليك من التبليغ، فذكر سبب العذر وهو البلاغ ليدل على المسبب يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ التي عددناها حيث يعترفون بها وأنها من اللّه ثُمَّ يُنْكِرُونَها بعبادتهم غير المنعم بها وقولهم : هي من اللّه ولكنها بشفاعة آلهتنا. وقيل : إنكارهم قولهم ورثناها من آبائنا. وقيل : قولهم لولا فلان ما أصبت كذا لبعض نعم اللّه. وإنما لا يجوز التكلم بنحو هذا إذا لم يعتقد أنها من اللّه وأنه أجراها على يد فلان وجعله سبباً في نيلها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ أى الجاحدون غير المعترفين. وقيل نِعْمَتَ اللَّهِ نبوّة محمد عليه السلام، كانوا يعرفونها ثم ينكرونها عناداً، وأكثرهم الجاحدون المنكرون بقلوبهم. فإن قلت : ما معنى ثم؟ قلت : الدلالة على أن إنكارهم أمر مستبعد بعد حصول المعرفة، لأنّ حق من عرف النعمة أن يعترف لا أن ينكر.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٨٤ إلى ٨٥]
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤) وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٥)
شَهِيداً نبيها يشهد لهم وعليهم بالإيمان والتصديق، والكفر والتكذيب ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا في الاعتذار. والمعنى. لا حجة لهم، فدل بترك الإذن على أن لا حجة لهم ولا عذر، وكذا عن الحسن وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ولا هم يسترضون، أى : لا يقال لهم أرضوا ربكم :
لأن الآخرة ليست بدار عمل. فإن قلت : فما معنى ثم هذه؟ قلت : معناها أنهم يمنون «٢» بعد
(١). قوله «و الجواشن» في الصحاح : الجوشن الصدر. والجوشن الدرع. (ع)
(٢). قوله «يمنون» في الصحاح : منوته ومنيته إذا ابتليته. (ع)