فرآه مبقور البطن فقال :«أما والذي أحلف به، لئن أظفرنى اللّه بهم لأمثلن بسبعين مكانك «١»» فنزلت، فكفر عن يمينه وكفّ عما أراده، ولا خلاف في تحريم المثلة. وقد وردت الأخبار بالنهى عنها «٢» حتى بالكلب العقور. إما أن رجع الضمير في لَهُوَ إلى صبرهم وهو مصدر صبرتم. ويراد بالصابرين : المخاطبون، أى : ولئن صبرتم لصبركم خير لكم، فوضع الصابرون موضع الضمير ثناء من اللّه عليهم بأنهم صابرون على الشدائد. أو وصفهم بالصفة التي تحصل لهم إذا صبروا عن المعاقبة. وإما أن يرجع إلى جنس الصبر - وقد دل عليه صبرتم - ويراد بالصابرين جنسهم، كأنه قيل : وللصبر خير للصابرين. ونحوه قوله تعالى فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ثم قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وَاصْبِرْ أنت فعزم عليه بالصبر وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ أى بتوفيقه وتثبيته وربطه على قلبك وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أى على الكافرين، كقوله فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ أو على المؤمنين وما فعل بهم الكافرون وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ وقرئ : ولا تكن في ضيق، أى : ولا يضيقن صدرك من مكرهم. والضيق : تخفيف الضيق، أى في أمر ضيق. ويجوز أن يكون الضيق والضيق مصدرين، كالقيل والقول إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا أى هو ولىّ الذين اجتنبوا المعاصي وَولى الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ في أعمالهم. وعن هرم بن حيان أنه قيل له حين احتضر : أوص.
فقال : إنما الوصية من المال ولا مال لي، وأوصيكم بخواتم سورة النحل.
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«من قرأ سورة النحل لم يحاسبه اللّه بما أنعم عليه في دار الدنيا وإن مات في يوم تلاها أو ليلته، كان له من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية» «٣»
(١). أخرجه الثعلبي بغير سند. وقصة حمزة أخرجها البزار والطبراني من رواية سليمان التيمي عن ابن عثمان عن أبى هريرة «أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نظر يوم أحد إلى حمزة وقد قتل ومثل به. فرأى منظراً لم يرقط أوجع لقلبه منه. وذكر باقى الحديث أتم مما ذكره هنا ورواية صالح فهو عن سليمان. وصالح ضعيف. وله طريق أخرى أخرجها الدارقطني من رواية إسماعيل بن عباس قال «لما انصرف المشركون عن قتلى أحد فرأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعمه حمزة منظراً أساءه، وقد شق بطنه واصطلم أنفه - فذكر القصة «و فيها : لأمثلن مكانه بسبعين رجلا. وذكر الصلاة عليه وعلى القتلى. قال : فلما دفنوا وفرغ منهم نزلت ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الآية فصبر ولم يمثل بأحد» قال الدارقطني : تفرد به إسماعيل وهو ضعيف عن غير الشاميين، قلت : وأما أول الكلام فذكره. [.....]
(٢). قلت روى ذلك عن جماعة من الصحابة.
(٣). رواه الثعلبي وابن مردويه. وقد تقدم سنده في آل عمران.