العاق ما يشاء أن يفعل فلن يدخل الجنة «١»» وروى سعيد بن المسيب : إنّ البارّ لا يموت ميتة سوء. وقال رجل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنّ أبوىّ بلغا من الكبر أنى ألى منهما ما وليا منى في الصغر، فهل قضيتهما؟ قال : لا، فإنهما كان يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك، وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتهما»
. وشكا رجل إلى رسول اللّه أباه وأنه يأخذ ماله، فدعا به فإذا شيخ يتوكأ على عصا، فسأله فقال : إنه كان ضعيفاً وأنا قوى، وفقيراً وأنا غنىّ، فكنت لا أمنعه شيئاً من مالى، واليوم أنا ضعيف وهو قوى، وأنا فقير وهو غنىّ، ويبخل علىّ بماله، فبكى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال : ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى، ثم قال للولد :
أنت ومالك لأبيك، أنت ومالك لأبيك «٣». وشكا إليه آخر سوء خلق أمّه فقال «٤» : لم تكن سيئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر؟ قال : إنها سيئة الخلق. قال : لم تكن كذلك حين أرضعتك حولين؟ قال إنها سيئة الخلق. قال : لم تكن كذلك حين أسهرت لك ليلها وأظمأت نهارها؟
قال : لقد جازيتها. قال : ما فعلت؟ قال : حججت بها على عاتقي. قال : ما جزيتها ولو طلقة «٥» وعن ابن عمر أنه رأى رجلا في الطواف يحمل أمّه ويقول :
إنِّى لَهَا مَطِيَّةٌ لَا تُذْعَرُ إذَا الرِّكَابُ نَفَرَتْ لَا تَنْفِرُ
مَا حَمَلَتْ وَأَرْضَعَتْنِى أَكْثَرُ اللَّهُ رَبِّى ذُو الْجَلَالِ الأَكْبَرُ «٦»

__
(١). أخرجه الثعلبي من طريق محمد بن السماك عن عابد بن شريح عن عطاء عن عائشة. وفيه أحمد بن محمد بن غالب غلام الخليل. وهو كذاب، لكن رواه أبو نعيم في الحلية من وجه آخر عن سحنون السماك بلفظ «فانى سأغفر لك» وبلفظ «فانى لا أغفر لك».
(٢). لم أجده.
(٣). لم أجده. قلت أخرجه في معجم الصحابة من طريق.
(٤). لم أجده.
(٥). قوله «قال ما جزيتها ولو طلقة» في الصحاح الطلق وجع الولادة اه فالطلقة المرة منه. (ع)
(٦). أنشده ابن عمر عن رجل يحمل أمه في الحج : شبه نفسه بالمطية تشبيهاً بليغا، و«إذا الركاب نفرت» صفة لها، يعنى أنه خافض لها جناح الذل من الرحمة، ولا يسأم منها كغيره، فان حملها إياه وإرضاعها إياه أكثر من بره بها، وذعر يذعر كتعب يتعب : خاف وفزع، والمراد لازم الفزع والنفرة وهو الجزع والضجر وعدم إقراره على ظهره، ثم كبر لأنه شعار الحج من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق.


الصفحة التالية
Icon