لكنه. وقرئ : لكن هو اللّه ربى، بسكون النون وطرح أنا. وقرأ أبىّ بن كعب : لكن أنا على الأصل. وفي قراءة عبد اللّه : لكن أنا لا إله إلا هو ربى. فإن قلت : هو استدراك لما ذا؟
قلت : لقوله أَكَفَرْتَ قال لأخيه : أنت كافر باللّه، لكنى مؤمن موحد، كما تقول : زيد غائب، لكن عمرا حاضر.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٣٩ إلى ٤١]
وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١)
ما شاءَ اللَّهُ يجوز أن تكون ما موصولة مرفوعة المحل على أنها خبر مبتدإ محذوف تقديره : الأمر ما شاء اللّه. أو شرطية منصوبة الموضع والجزاء محذوف، بمعنى : أى شيء شاء اللّه كان. ونظيرها في حذف الجواب لَوْ في قوله وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ والمعنى :
هلا قلت عند دخولها والنظر إلى ما رزقك اللّه منها الأمر ما شاء اللّه، اعترافا بأنها وكلّ خير فيها إنما حصل بمشيئة اللّه وفضله، وأن أمرها بيده : إن شاء تركها عامرة وإن شاء خرّبها، وقلت لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إقرارا بأن ما قويت به على عمارتها وتدبير أمرها إنما هو بمعونته وتأييده، إذ لا يقوى أحد في بدنه ولا في ملك يده إلا باللّه تعالى. وعن عروة بن الزبير أنه كان يثلم حائطه أيام الرطب، فيدخل من شاء. وكان إذا دخله ردّد هذه الآية حتى يخرج. من قرأ أَقَلَّ بالنصب فقد جعل أنا فصلا، ومن رفع جعله مبتدأ وأقلّ خبره، والجملة مفعولا.
ثانيا لترنى. وفي قوله وَوَلَداً نصرة لمن فسر النفر بالأولاد في قوله وَأَعَزُّ نَفَراً والمعنى إن ترني أفقر منك فأنا أتوقع من صنع اللّه أن يقلب ما بى وما بك من الفقر والغنى، فيرزقنى لإيمانى جنة خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ ويسلبك لكفرك نعمته ويخرّب بستانك. والحسبان : مصدر كالغفران والبطلان، بمعنى الحساب، أى : مقدارا قدره اللّه وحسبه، وهو الحكم بتخريبها وقال الزجاج : عذاب حسبان، وذلك الحسبان حساب ما كسبت يداك. وقيل حسبانا مرامي الواحدة حسبانة وهي الصواعق صَعِيداً زَلَقاً أرضا بيضاء يزلق عليها لملامتها زلقا.
وغَوْراً كلاهما وصف بالمصدر.


الصفحة التالية
Icon