فيها لو كانوا شركاء في الإلهية، فنفى مشاركتهم في الإلهية بقوله ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لأعتضد بهم في خلقها «١» وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ أى ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ بمعنى وما كنت متخذهم عَضُداً أى أعوانا، فوضع المضلين موضع الضمير ذمّا لهم بالإضلال، فإذا لم يكونوا عضدا لي في الخلق، فما لكم تتخذونهم شركاء لي في العبادة؟ وقرئ : وما كنت، بالفتح : الخطاب لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، والمعنى : وما صح لك الاعتضاد بهم، وما ينبغي لك أن تعتز بهم. وقرأ على رضى اللّه عنه : وما كنت متخذا المضلين، بالتنوين على الأصل. وقرأ الحسن : عضدا، بسكون الضاد، ونقل ضمتها إلى العين. وقرئ : عضدا، بالفتح وسكون الضاد. وعضدا، بضمتين وعضدا بفتحتين : جمع عاضد، كخادم وخدم، وراصد ورصد، من عضده : إذا قواه وأعانه،
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٢ إلى ٥٣]
وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣)
يَقُولُ بالياء والنون. وإضافة الشركاء إليه على زعمهم : توبيخا لهم وأراد الجن.
والموبق : المهلك، من وبق يبق وبوقا، ووبق يوبق وبقا : إذا هلك. وأو بقه غيره. ويجوز أن يكون مصدرا كالمورد والموعد، يعنى : وجعلنا بينهم واديا من أودية جهنم هو مكان الهلاك والعذاب الشديد مشتركا يهلكون فيه جميعا. وعن الحسن مَوْبِقاً عداوة. والمعنى : عداوة هي في شدتها هلاك، كقوله : لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا. وقال الفراء : البين الوصل أى :
وجعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكا يوم القيامة. ويجوز أن يريد الملائكة وعزيرا وعيسى ومريم، وبالموبق : البرزخ البعيد، أى : وجعلنا بينهم أمدا بعيدا تهلك فيه الأشواط لفرط بعده، لأنهم في قعر جهنم وهم في أعلى الجنان فَظَنُّوا فأيقنوا مُواقِعُوها مخالطوها واقعون فيها مَصْرِفاً معدلا. قال.
أزهير هل عن شيبة من مصرف «٢»
(١). قوله «لأعتضد بهم في خلقها» أى لأستعين بهم. (ع)
(٢) أزهير هل عن شيبة من مصرف أم لا خلود لباذل متكلف
لأبى كبير الهذلي. والهمزة للنداء. وزهير ترخيم زهيرة اسم امرأة. والاستفهام إنكارى، أى : لا انصراف عن الشيب أولا مهرب ولا مفر منه. وأم للاضراب الانتقالى والاستفهام الإنكاري، أى : بل لا ينتفي خلود الكريم الباذل لما عنده المتكلف غير طاقته في قرى الضيفان، لأن البذل لا يمنع الخلود كأنها كانت لامته على البذل مع الشيب والعقر، فأجابها بذلك. وفيه دلالة على غاية الكرم.