ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حينئذ، فإنهم يقولون. إذا رأوا الملك في صورة إنسان : هذا إنسان وليس بملك، فإن قال لهم : الدليل على أنى ملك أنى جئت بالقرآن المعجز، وهو ناطق بأنى ملك لا بشر - كذبوه كما كذبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم، فإذا فعلوا ذلك خذلوا كما هم مخذولون الآن، فهو ليس اللّه عليهم. ويجوز أن يراد : وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ حينئذ مثل ما يلبسون على أنفسهم الساعة في كفرهم بآيات اللّه البينة : وقرأ ابن محيصن : ولبسنا عليهم، بلام واحدة. وقرأ الزهري : وللبسنا عليهم ما يلبسون، بالتشديد.
[سورة الأنعام (٦) : آية ١٠]
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠)
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ تسلية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عما كان يلقى من قومه فَحاقَ بهم فأحاط بهم الشيء الذي كانوا يستهزؤن به وهو الحق، حيث أهلكوا من أجل الاستهزاء به
[سورة الأنعام (٦) : آية ١١]
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)
فإن قلت : أى فرق بين قوله فَانْظُروا وبين قوله ثُمَّ انْظُرُوا «١» قلت : جعل النظر «٢» مسبباً عن السير في قوله فَانْظُروا فكأنه قيل : سيروا لأجل النظر، ولا تسيروا سير الغافلين. وأما قوله سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا فمعناه إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع وإيجاب النظر في آثار الهالكين. ونبه على ذلك بثم، لتباعد ما بين الواجب والمباح.
[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢]
قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢)
لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ سؤال تبكيت، وقُلْ لِلَّهِ تقرير لهم، أى هو - اللّه - لا خلاف بيني وبينكم، ولا تقدرون أن تضيفوا شيئا منه إلى غيره كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أى أوجبها على ذاته في هدايتكم إلى معرفته، ونصب الأدلة لكم على توحيده بما أنتم مقرون
(١). قال محمود :«إن قلت أى فرق بين قوله فانظروا وبين قوله ثم انظروا... الخ» قال أحمد : وأظهر من هذا التأويل أن يجعل الأمر بالسير في المكانين واحداً، ليكون ذلك سبباً في النظر، فحيث دخلت الفاء فلإظهار السببية، وحيث دخلت «ثم» فللتنبيه على أن النظر هو المقصود من السير، وأن السير وسيلة إليه لا غير. وشتان بين المقصود والوسيلة واللّه أعلم.
(٢). قوله «النظر» لعله «بالنظر». (ع)