أى إنما أنا رسول من استعذت به لِأَهَبَ لَكِ
لأكون سببا في هبة الغلام بالنفخ في الدرع «١». وفي بعض المصاحف : إنما أنا رسول ربك أمرنى أن أهب لك. أو هي حكاية لقول اللّه تعالى.
[سورة مريم (١٩) : آية ٢١]
قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١)
جعل المسّ عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه، كقوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ والزنا ليس كذلك، إنما يقال فيه : فجر بها وخبث بها وما أشبه ذلك، وليس بقمن أن تراعى فيه الكنايات والآداب. والبغىّ : الفاجرة التي تبغى الرجال، وهي فعول عند المبرد «بغوى» فأدغمت الواو في الياء. وقال ابن جنى في كتاب التمام : هي فعيل، ولو كانت فعولا لقيل «بغوّ» كما قيل : فلان نهوّ عن المنكر وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً تعليل معلله محذوف أى : ولنجعله آية للناس فعلنا ذلك. أو هو معطوف على تعليل مضمر، أى لنبين به قدرتنا ولنجعله آية. ونحوه : وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وقوله وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ. مَقْضِيًّا مقدّرا مسطورا في اللوح لا بدّ لك من جريه عليك. أو كان أمرا حقيقا بأن يكون ويقضى لكونه آية ورحمة. والمراد بالآية : العبرة والبرهان على قدرة اللّه، وبالرحمة : الشرائع والألطاف، وما كان سببا في قوّة الاعتقاد والتوصل إلى الطاعة والعمل الصالح. فهو جدير بالتكوين.
[سورة مريم (١٩) : آية ٢٢]
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢)
عن ابن عباس : فاطمأنت إلى قوله فدنا منها فنفخ في جيب درعها، فوصلت النفخة إلى بطنها فحملت. وقيل : كانت مدّة الحمل ستة أشهر. وعن عطاء وأبى العالية والضحاك : سبعة أشهر. وقيل : ثمانية، ولم يعش مولود وضع لثمانية إلا عيسى. وقيل : ثلاث ساعات. وقيل :
حملته في ساعة، وصوّر في ساعة، ووضعته في ساعة، حين زالت الشمس من يومها. وعن ابن عباس : كانت مدة الحمل ساعة واحدة، كما حملته نبذته. وقيل : حملته وهي بنت ثلاث عشرة سنة. وقيل : بنت عشر، وقد كانت حاضت حيضتين قبل أن تحمل. وقالوا : ما من
(١). قوله «في الدرع» في الصحاح «درع المرأة» قميصها. (ع)