فتوسّطا عرض السّري فصدّعا مسجورة متجاورا قلّامها «١»
وقيل : هو من السرو «٢». والمراد : عيسى. وعن الحسن : كان واللّه عبدا سريا. فإن قلت.
ما كان حزنها لفقد الطعام والشراب حتى تسلى بالسرى والرطب؟ قلت : لم تقع التسلية بهما من حيث أنهما طعام وشراب، ولكن من حيث أنهما معجزتان تريان الناس أنها من أهل العصمة والبعد من الريبة، وأن مثلها مما قرفوها به بمعزل، وأن لها أمورا إلهية خارجة عن العادات خارقة لما ألفوا واعتادوا، حتى يتبين لهم أنّ ولادها من غير فحل ليس ببدع من شأنها.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٥ إلى ٢٦]
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)
تُساقِطْ فيه تسع قراآت : تساقط، بإدغام التاء. وتتساقط، بإظهار التاءين. وتساقط، بطرح الثانية. ويساقط، بالياء وإدغام التاء. وتساقط، وتسقط، ويسقط، وتسقط، ويسقط : التاء للنخلة، والياء للجذع. ورطبا تمييز أو مفعول على حسب القراءة. وعن المبرد :
جواز انتصابه بهزّى وليس بذاك. والباء في بِجِذْعِ النَّخْلَةِ صلة للتأكيد، كقوله تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ أو على معنى : افعلي الهزّ به، كقوله :
يجرح في عراقيبها نصلى «٣»
قالوا : التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت، وكذلك التحنيك، وقالوا : كان من العجوة.
وقيل : ما للنفساء خير من الرطب، ولا للمريض خير من العسل، وقيل : إذا عسر ولادها لم
(١) فمضى وقدمها وكانت عادة منه إذا هي عردت أقدامها
فتوسطا عرض السرى فصدعا مسجورة متجاورا قلامها
للبيد من معلقته، يصف حمارا وحشيا بأنه مضى خلف أتانه نحو الماء وقدمها أمامه. وأقدامها : اسم كان، وألحقه التاء لاكتساب الأقدام التأنيث من الضمير المضاف إليه. وقيل : لأنه بمعنى التقدمة التي هي مصدر قدمها المضاعف كالتقديم. وعادة خبر كان. و«إذا هي عردت» بالتضعيف أى تأخرت وجبنت، فتوسطا : أى الحمار والأتان، عرض السرى : أى ناحية النهر الصغير وجانبه، فصدعا : أى شقا عينا مسجورة مملوءة، وكان المقام للاضمار، فأظهر ليتأتى الوصف. أو للتجربة، أو العين من النهر، وليست هي هو وهذا أوجه. والقلام - كرمان - :
القاقلى، وقيل مطلق النبات، وتجاوزه : كناية عن كثرته.
(٢). قوله «و قيل هو من السرو» في الصحاح «السرو» سخاء في مروءة. (ع)
(٣). تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الثاني صفحة ٥٧٨ فراجعه إن شئت اه مصححه.