أحد منهم وكاشف كلهم، وقشر العصا عن لحائها «١». وما تُوعَدُونَ من غلبة المسلمين عليكم كائن لا محالة، ولا بد من أن يلحقكم بذلك الذلة والصغار، وإن كنت لا أدرى متى يكون ذلك لأن اللّه لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه، واللّه عالم لا يخفى عليه ما تجاهرون به من كلام الطعانين في الإسلام، وما تَكْتُمُونَ في صدوركم من الإحن والأحقاد للمسلمين، وهو يجازيكم عليه.
وما أدرى لعلّ تأخير هذا الموعد امتحان لكم لينظر كيف تعملون. أو تمتيع لكم إِلى حِينٍ ليكون ذلك حجة عليكم، وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١١٢]
قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١١٢)
قرئ قل وقالَ، على حكاية قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. ورَبِّ احْكُمْ على الاكتفاء بالكسرة. ورب احكم، على الضم. وربى أحكم، على أفعل التفضيل. وربى أحكم :
من الإحكام، أمر باستعجال العذاب لقومه فعذبوا ببدر. ومعنى بِالْحَقِّ لا تحابهم وشدد عليهم كما هو حقهم، كما قال «اشدد وطأتك على مضر» «٢» قرئ تَصِفُونَ بالتاء والياء.
كانوا يصفون الحال على خلاف ما جرت عليه، وكانوا يطمعون أن تكون لهم الشوكة والغلبة، فكذب اللّه ظنونهم وخيب آمالهم، ونصر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين، وخذلهم.
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم «من قرأ اقترب للناس حسابهم حاسبه اللّه حسابا يسيرا، وصافحه وسلم عليه كل نبىّ ذكر اسمه في القرآن» «٣».

__
(١). قوله «لحائها» في الصحاح : اللحاء - ممدود - فشر الشجر. (ع)
(٢). متفق عليه من حديث أبى هريرة في قصة القنوت في صلاة الصبح.
(٣). أخرجه الثعلبي وابن مردويه من حديث أبى بن كعب


الصفحة التالية
Icon