عن ابن عباس أنه أبو جهل بن هشام. وقيل : كرر كما كررت سائر الأقاصيص. وقيل :
الأوّل في المقلدين، وهذا في المقلدين. والمراد بالعلم : العلم الضروري. وبالهدى : الاستدلال والنظر، لأنه يهدى إلى المعرفة. وبالكتاب المنير : الوحى، أى يجادل بظن وتخمين، لا بأحد هذه الثلاثة. وثنى العطف : عبارة عن الكبر والخيلاء، كتصعير الخدّ ولىّ الجيد. وقيل : عن الإعراض عن الذكر. وعن الحسن : ثانى عطفه، بفتح العين، أى : مانع تعطفه لِيُضِلَّ تعليل للمجادلة. قرئ بضم الياء وفتحها. فإن قلت : ما كان غرضه من جداله الضلال عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فكيف علل به؟ وما كان أيضا مهتديا حتى إذا جادل خرج بالجدال من الهدى إلى الضلال؟ قلت : لما أدّى جداله إلى الضلال، جعل كأنه غرضه، ولما كان الهدى معرضا له فتركه وأعرض عنه وأقبل على الجدال بالباطل، جعل كالخارج من الهدى إلى الضلال. وخزيه :
ما أصابه يوم بدر من الصغار والقتل، والسبب فيما منى به من خزى الدنيا وعذاب الآخرة : هو ما قدمت يداه، وعدل اللّه في معاقبته الفجار وإثابته الصالحين.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١١ إلى ١٣]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣)
عَلى حَرْفٍ على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة، كالذي يكون على طرف من العسكر، فإن أحسّ بظفر وغنيمه قرّ واطمأن، وإلا فرّ وطار على وجهه. قالوا : نزلت في أعاريب قدموا المدينة، وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا، وولدت امرأته غلاما سويا، وكثر ماله وماشيته قال : ما أصبت منذ دخلت في دينى هذا إلا خيرا، واطمأن. وإن كان الأمر بخلافه قال : ما أصبت إلا شرا، وانقلب. وعن أبى سعيد الخدري أن رجلا من اليهود أسلم فأصابته مصائب، فتشاءم بالإسلام، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : أقلنى، فقال «إنّ الإسلام لا يقال» «١» فنزلت. المصاب بالمحنة بترك التسليم لقضاء اللّه والخروج إلى ما يسخط اللّه :
(١). هكذا ذكره الواحدي في الأسباب، لكن بغير إسناد. فقال : روى عطية عن أبى سعيد، فذكره سواه وأخرجه ابن مردويه من رواية عطية عن أبى سعيد قال «أسلم رجل من اليهود فذهب ماله وولده، وتشاءم بالإسلام - الحديث نحوه» وإسناده ضعيف وأخرج العقيلي من رواية عنبسة بن سعيد عن أبى الزبير عن جابر قال :
«أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم يهودى فأسلم على يديه، ثم رجع إلى منزله فأصيب في عينه وفي ولده فرجع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم. فقال : أقلنى - الحديث» ولم يذكر فيه نزول الآية. وعنبسة ضعيف جدا.