غيره. أو على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكد به محسوده إنما كاد به نفسه. والمراد : ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظه. وقيل : فليمدد بحبل إلى السماء المظلة. وليصعد عليه فليقطع الوحى أو ينزل عليه. وقيل : كان قوم من المسلمين لشدّة غيظهم وحنقهم على المشركين يستبطئون ما وعد اللّه رسوله من النصر، وآخرون من المشركين يريدون اتباعه ويخشون أن لا يثبت أمره. فنزلت. وقد فسر النصر : بالرزق، وقيل : معناه أن الأرزاق بيد اللّه لا تنال إلا بمشيئته ولا بد للعبد من الرضا بقسمته، فمن ظنّ أن اللّه غير رازقه وليس به صبر واستسلام، فليبلغ غاية الجزع وهو الاختناق، فإن ذلك لا يقلب القسمة ولا يردّه مرزوقا.
[سورة الحج (٢٢) : آية ١٦]
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)
أى : ومثل ذلك الإنزال أنزلنا القرآن كله آياتٍ بَيِّناتٍ وَل أَنَّ اللَّهَ يَهْدِي به الذين يعلم أنهم يؤمنون. أو يثبت الذين آمنوا ويزيدهم هدى، أنزله كذلك مبينا
[سورة الحج (٢٢) : آية ١٧]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)
الفصل مطلق يحتمل الفصل بينهم في الأحوال والأماكن جميعا، فلا يجازيهم جزاء واحدا بغير تفاوت، ولا يجمعهم في موطن واحد. وقيل : الأديان خمسة : أربعة للشيطان وواحد للرحمن. جعل الصابئون مع النصارى لأنهم نوع منهم. وقيل يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يقضى بينهم، أى بين المؤمنين والكافرين. وأدخلت إِنَّ على كل واحد من جزأى الجملة لزيادة التوكيد.
ونحوه قول جرير :
إنّ الخليفة إنّ اللّه سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم «١»
[سورة الحج (٢٢) : آية ١٨]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨)

__
(١). لجرير. وقوله «إن اللّه سربله» خير إن الأولى، وكررها لتوكيد التوكيد. وسربله : كساه بالملك الشبيه بالسربال. ويروى : سربال ملك به، أى : بذلك اللباس أو الملك، تزجى : أى تساق الخواتيم : جمع خاتم - بالفتح والكسر - والأصل : خواتم، فزيدت الياء. والمراد بها : عواقب الأمور الحميدة. وقال أبو حيان : يحتمل أن خبر إن قوله «به تزجى» وجملة «إن اللّه سربله» اعتراضية. ويروى :«به ترجى» بالراء، وليحرر.


الصفحة التالية
Icon