ألحق البقر بالإبل حين قال :«البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة» «١»، فجعل البقر في حكم الإبل، صارت البدنة في الشريعة متناولة للجنسين عند أبى حنيفة وأصحابه، وإلا فالبدن هي الإبل وعليه تدل الآية، وقرأ الحسن : والبدن، بضمتين، كثمر في جمع ثمرة. وابن أبى إسحاق بالضمتين وتشديد النون على لفظ الوقف. وقرئ بالنصب والرفع كقوله وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ.
مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ أى من أعلام الشريعة التي شرعها اللّه. وإضافتها إلى اسمه : تعظيم لها لَكُمْ فِيها خَيْرٌ كقوله لَكُمْ فِيها مَنافِعُ ومن شأن الحاج أن يحرص على شيء فيه خير ومنافع بشهادة اللّه. عن بعض السلف أنه لم يملك إلا تسعة دنانير، فاشترى بها بدنة، فقيل له في ذلك، فقال : سمعت ربى يقول لَكُمْ فِيها خَيْرٌ وعن ابن عباس : دنيا وآخرة. وعن إبراهيم : من احتاج إلى ظهرها ركب، ومن احتاج إلى لبنها شرب. وذكر اسم اللّه : أن يقول عند النحر : اللّه أكبر لا إله إلا اللّه واللّه أكبر، اللهم منك وإليك صَوافَّ قائمات قد صففن أيديهنّ وأرجلهنّ. وقرئ : صوافن، من صفون الفرس، وهو أن يقوم على ثلاث وينصب الرابعة على طرف سنبكه، لأن البدنة تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث. وقرئ : صوافي، أى :
خوالص لوجه اللّه. وعن عمرو بن عبيد : صوافنا، بالتنوين عوضا من حرف الإطلاق عند الوقف. وعن بعضهم : صواف «٢» نحو مثل العرب. أعط القوس باريها، بسكون الياء.
وجوب الجنوب : وقوعها على الأرض، من وجب الحائط وجبة إذا سقط. ووجبت الشمس جبة : غربت. والمعنى : فإذا وجبت جنوبها وسكنت نسائسها «٣» حل لكم الأكل منها والإطعام الْقانِعَ السائل، من قنعت إليه وكنعت : إذا خضعت له وسألته قنوعا وَالْمُعْتَرَّ المعترض بغير سؤال، أو القانع الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال، من قنعت قنعا وقناعة.
والمعتر : المعترض بسؤال. وقرأ الحسن : والمعترى. وعرّه وعراه واعتراه واعتره : بمعنى.
وقرأ أبو رجاء : القنع، وهو الراضي لا غير. يقال : قنع فهو قنع وقانع.
منّ اللّه على عباده واستحمد إليهم بأن سخر لهم البدن مثل التسخير الذي رأوا وعلموا، يأخذونها منقادة للأخذ طيعة فيعقلونها ويحبسونها صافة قوائمها، ثم يطعنون في لبانها. ولولا تسخير اللّه لم
(١). لم أره مرفوعا من لفظه. نعم أخرجه أبو داود بلفظ «الجزور عن سبعة» وأخرجه مسلم وأصحاب السنن من رواية مالك عن أبى الزبير عن جابر قال «نحرنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» وفي الباب عن ابن مسعود عند الطبراني.
(٢). قوله «صواف» لعله : صوافي، بالسكون. (ع)
(٣). قوله «و سكنت نسائسها» في الصحاح «النسيسة، والنسيس» الإيكال بين الناس. والنسائس : النمائم.
والنسيس : بقية الروح. وفيه أيضا «الإيكال بين الناس» السعى بينهم. (ع)