عليه وسلم، فنطق بذلك قبل إملائه، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم «اكتب هكذا نزلت» فقال عبد اللّه : إن كان محمد نبيا يوحى إليه فأنا نبىّ يوحى إلىّ، فلحق بمكة كافرا، ثم أسلم يوم الفتح «١».
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٥ إلى ١٦]
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)
قرأ ابن أبى عبلة وابن محيصن : لمائتون. والفرق بين الميت والمائت : أنّ الميت كالحي صفة ثابتة. وأمّا المائت، فيدل على الحدوث. تقول : زيد مائت الآن، ومائت غدا، كقولك يموت. ونحوهما :
ضيق وضائق، في قوله تعالى وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ جعل الإماتة التي هي إعدام الحياة، والبعث الذي هو إعادة ما يفنيه ويعدمه : دليلين أيضا على اقتدار عظيم بعد الإنشاء والاختراع. فإن قلت : فإذا لا حياة إلا حياة الإنشاء وحياة البعث. قلت : ليس في ذكر الحياتين نفى الثالثة وهي حياة القبر، كما لو ذكرت ثلثي ما عندك وطويت ذكر ثلثه لم يكن دليلا على أن الثلث ليس عندك. وأيضا فالغرض ذكر هذه الأجناس الثلاثة : الإنشاء والإماتة والإعادة، والمطوى ذكرها من جنس الإعادة.
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ١٧]
وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧)
الطرائق : السموات، لأنه طورق بعضها فوق بعض كمطارقة النعل، وكل شيء فوقه مثله فهو طريقة : أو لأنها طرق الملائكة ومتقلباتهم : وقيل : الأفلاك، لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها : أراد بالخلق السموات، كأنه قال : خلقناها فوقهم وَما كُنَّا عنها غافِلِينَ وعن حفظها وإمساكها أن تقع فوقهم بقدرتنا : أو أراد به الناس وأنه إنما خلقها فوقهم ليفتح عليهم الأرزاق والبركات منها، وينفعهم بأنواع منافعها، وما كان غافلا عنهم وما يصلحهم.
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ١٨]
وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨)
بِقَدَرٍ بتقدير يسلمون معه من المضرة، ويصلون إلى المنفعة. أو بمقدار ما علمناه من حاجاتهم ومصالحهم. فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ كقوله فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ وقيل :
جعلناه ثابتا في الأرض. وقيل : إنها خمسة أنهار : سيحون نهر الهند. وجيحون : نهر بلخ.
ودجلة والفرات : نهرا العراق. والنيل : نهر مصر، أنزلها اللّه من عين واحدة من عيون الجنة،
(١). كذا ذكره الثعلبي عن ابن عباس رضى اللّه عنهما وعزاه الواحدي إلى الكلبي. عن ابن عباس رضى اللّه عنهما.