[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦٢ إلى ٦٣]

وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣)
يعنى أن هذا الذي وصف به الصالحين غير خارج من حدّ الوسع والطاقة، وكذلك كل ما كلفه عباده وما عملوه من الأعمال فغير ضائع عنده، بل هو مثبت لديه في كتاب، يريد اللوح، أو صحيفة الأعمال ناطق بالحق لا يقرءون منه يوم القيامة إلا ما هو صدق وعدل، لا زيادة فيه ولا نقصان ولا يظلم منهم أحد. أو أراد : إن اللّه لا يكلف إلا الوسع، فإن لم يبلغ المكلف أن يكون على صفة هؤلاء السابقين بعد أن يستفرغ وسعه ويبذل طاقته فلا عليه، ولدينا كتاب فيه عمل السابق والمقتصد، ولا نظلم أحدا من حقه ولا نحطه دون درجته. بل قلوب الكفرة في غفلة غامرة لها مِنْ هذا أى مما عليه هؤلاء الموصوفون من المؤمنين وَلَهُمْ أَعْمالٌ متجاوزة متخطية لذلك، أى : لما وصف به المؤمنون هُمْ لَها معتادون وبها ضارون، لا يفطمون عنها حتى يأخذهم اللّه بالعذاب.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦٤ إلى ٦٧]
حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧)
وحتى هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام، والكلام : الجملة الشرطية، والعذاب : قتلهم يوم بدر. أو الجوع حين دعا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال :«اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف «١»» فابتلاهم اللّه بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحترقة والقدّ «٢» والأولاد. الجؤار : الصراخ باستغاثة قال :
__
(١). متفق عليه من حديث ابن مسعود وسيأتى تاما في تفسير الدخان.
(٢). قوله «و القد» في الصحاح «القد» بالكسر : سير يقد من جلد غير مدبوغ. (ع)


الصفحة التالية
Icon