من العجمي الرومي كلاما عربيا أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب. والزور : أن بهتوه بنسبة ما هو برىّ منه إليه.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥]
وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥)
أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ما سطّره المتقدمون من نحو أحاديث رستم وإسفنديار، جمع : أسطار أو أسطورة كأحدوثة اكْتَتَبَها كتبها لنفسه وأخذها، كما تقول : استكب الماء واصطبه :
إذا سكبه وصبه لنفسه وأخذه. وقرئ : أكتتبها. على البناء للمفعول. والمعنى : اكتتبها كاتب له. لأنه كان أمّيا لا يكتب بيده، وذلك من تمام إعجازه، ثم حذفت اللام فأفضى الفعل إلى الضمير فصار اكتتبها إياه كاتب، كقوله (و اختار موسى قومه) ثم بنى الفعل للضمير الذي هو إياه فانقلب مرفوعا مستترا بعد أن كان بارزا منصوبا، وبقي ضمير الأساطير على حاله، فصار (اكتتبها) كما ترى. فإن قلت : كيف قيل : اكتتبها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ وإنما يقال : أمليت عليه فهو يكتتبها؟ قلت : فيه وجهان. أحدهما : أراد اكتتابها أو طلبه فهي تملى عليه. أو كتبت له وهو أمىّ فهي تملى عليه : أى تلقى عليه من كتابه يتحفظها : لأن صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب. وعن الحسن : أنه قول اللّه سبحانه يكذبهم وإنما يستقيم أن لو فتحت الهمزة للاستفهام الذي في معنى الإنكار. ووجهه أن يكون نحو قوله :
أفرح أن أرزأ الكرام وأن أورث ذودا شصائصا نبلا «١»
وحق الحسن أن يقف على الأولين. بُكْرَةً وَأَصِيلًا أى دائما، أو في الخفية قبل أن ينتشر الناس، وحين يأوون إلى مساكنهم.
(١)
إن كنت أزننتني بها كذبا جزء فلاقيت بعدها عجلا
أفرح أن أرزأ الكرام وأن أورث ذودا شصائصا نبلا
لحضرمى بن عامر، يخاطب جزء بن سنان بن مؤلة حين اتهمه بسروره بأخذ دية أخيه القتيل، وقيل : لجرير، وليس بذاك. وجزء - بفتح فسكون - وإن هنا للشرط مجردا عن السك، أو بمعنى إذ. وأزننتنى : أى تهمتنى بها :
أى بتلك الفعلة الرذيلة كذبا منك يا جزء، فهو منادى، فلاقيت أنت بعدها عجلا : دعاء عليه بأن ينال مثلها سريعا، وينظر هل يفرح أو يحزن؟ وروى : فلاقيت مثلها عجلا. أفرح، أى : أأفرح بأن أرزأ الكرام وأصاب فيهم، فحذفت همزة الاستفهام الإنكاري أو التعجبي على فرض الوقوع لدلالة المقام عليها، وليصور الكلام بصورة الاخبار والإثبات، فيظهر للخصم قبح دعواه. وأرزأ : مبنى للمجهول، وكذلك أورث، أى : أعطى ذودا : أى قطيعا من الإبل بعد موتهم. والذود : ما بين الثلاثة إلى العشرة، مؤنث لا واحد له من لفظه، عبر به عن الدية كلها استقلالا وتحقيرا لها. ولذلك وصفه بشصائصا : جمع شصوص، وهي النافة القليلة اللبن. وصرفه للوزن. والنبل - كسبب - : جمع نبيل. ويروى بالضم، فهو جمع نبيل أيضا، ككرم وكريم. أو جمع نبلة، كغرف وغرفة :
أي الصغار؟؟؟ أو النجائب فهو من الأضداد، لكن الأول أوفق بالمقام. ويجوز أن الدية كانت عشرة.