إليه من تكذيب الأنبياء وجرى عليهم من عذاب اللّه وتدميره. والتتبير : التفتيت والتكسير.
ومنه : التبر، وهو كسار الذهب والفضة والزجاج. وكُلًّا الأوّل منصوب بما دل عليه ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وهو : أنذرنا. أو : حذرنا. والثاني بتبرنا، لأنه فارغ له.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٠]
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠)
أراد بالقرية «سدوم» من قرى قوم لوط، وكانت خمسا : أهلك اللّه تعالى أربعا بأهلها وبقيت واحدة. ومطر السوء : الحجارة، يعنى أن قريشا مرّوا مرارا كثيرة في متاجرهم إلى الشام على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة من السماء أَفَلَمْ يَكُونُوا في مرار مرورهم ينظرون إلى آثار عذاب اللّه ونكاله ويذكرون بَلْ كانُوا قوما كفرة بالبعث لا يتوقعون نُشُوراً وعاقبة، فوضع الرجاء موضع التوقع، لأنه إنما يتوقع العاقبة من يؤمن فمن ثم لم ينظروا ولم يذكروا، ومرّوا بها كما مرّت ركابهم. أو لا يأملون نشورا كما يأمله المؤمنون لطمعهم في الوصول إلى ثواب أعمالهم. أو لا يخافون، على اللغة التهامية.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤١ إلى ٤٢]
وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢)
إِنْ الأولى نافية، والثانية مخففة من الثقيلة. واللام هي الفارقة بينهما. واتخذه هزوا :
في معنى استهزأ به، والأصل : اتخذه موضع هزؤ، أو مهزوءا به أَهذَا محكي بعد القول المضمر.
وهذا استصغار، وبَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا وإخراجه في معرض التسليم والإقرار، وهم على غاية الجحود والإنكار سخرية واستهزاء، ولو لم يستهزءوا لقالوا : أهذا الذي زعم أو ادّعى أنه مبعوث من عند اللّه رسولا. وقولهم إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا دليل على فرط مجاهدة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في دعوتهم، وبذله قصارى الوسع والطاقة في استعطافهم، مع عرض الآيات والمعجزات عليهم حتى شارفوا بزعمهم أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام، لولا فرط لجاجهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم، ولَوْلا في مثل هذا الكلام جار من حيث المعنى - لا من حيث الصنعة - مجرى التقييد للحكم المطلق وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طالت مدّة الإمهال، ولا بدّ للوعيد أن يلحقهم فلا يغرّنهم التأخير. وقوله مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا كالجواب