أولئك يجزون الغرفة. ويجوز أن يكون خبره الَّذِينَ يَمْشُونَ وأضافهم إلى الرحمن تخصيصا وتفضيلا. وقرئ : وعباد الرحمن. وقرئ : يمشون هَوْناً حال، أو صفة للمشي، بمعنى :
هينين. أو : مشيا هينا، إلا أنّ في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة. والهون : الرفق واللين.
ومنه الحديث «أحبب حبيبك هونا «١» مّا» وقوله «المؤمنون هينون لينون «٢»» والمثل :
إذا عزّ أخوك فهن. ومعناه : إذا عاسر فياسر. والمعنى : أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع، لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق، ولقوله وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ. سَلاماً تسلما منكم لا نجاهلكم، ومتاركة لا خير بيننا ولا شر، أى : نتسلم منكم تسلما، فأقيم السلام مقام التسلم. وقيل : قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإثم. والمراد بالجهل : السفه وقلة الأدب وسوء الرعة، «٣» من قوله :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا «٤»
وعن أبى العالية : نسختها آية القتال، ولا حاجة إلى ذلك لأنّ الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة، وأسلم للعرض والورع.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٦٤]
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤)
(١). أخرجه الترمذي من رواية أيوب عن ابن سيرين عن أبى هريرة تفرد به سويد بن عمرو عن حماد بن سلمة عن أيوب قال الترمذي. غريب. وقال ابن حبان، في الضعفاء : سويد بن عمرو يضع المتون الواهية على الأسانيد الصحيحة. وليس هذا من حديث أبى هريرة. وإنما هو من قول على رضى اللّه عنه. وقد رفعه الحسن بن أبى جعفر عن أيوب عن حميد بن عبد الرحمن عن على. وهو خطأ فاحش. ورواية الحسن بن أبى جعفر في فوائد تمام وأخرجه ابن عدى من طريق الحسن بن دنيا - عن ابن سيرين عن أبى هريرة. قال : الحسن بن دنيا - أجمعوا على ضعفه ورواه الطبراني في الأوسط. من رواية أبى الزناد عن الأعرج. عن أبى هريرة لكن الراوي له عن أبى الزناد متروك. وهو عباد بن كثير. وفي الباب عن ابن عمر أخرجه الطبراني وفيه أبو السلط الهروي. وهو متروك وعن ابن عمرو بن العاص أخرجه أيضا من طريق محمد بن كثير الضمري. عن ابن لهيعة، عن أبى نهشل عنه وهذا إسناد واه جدا. والموقوف عن على. أخرجه البيهقي في الشعب في الحادي والأربعين من رواية أبى إسحاق عن صبرة بن يزيد ثم عن على. وقال الدارقطني. الصحيح على على موقوف
(٢). أخرجه ابن المبارك في الزهد قال أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول بهذا مرسلا «و زاد كالجمل الأنف الذي إن قيد انقاد. وإن ينخ على صخرة أناخ» وأخرجه البيهقي في الشعب في السادس والخمسين من هذا الوجه قال هذا مرسل ثم أخرجه من طريق العقيلي في منكرات عبد اللّه بن عبد العزيز. وفي الباب عن ابن أنس مرفوعا ذكره ابن طاهر في الكلام على أحاديث الشهاب. وفيه زكريا بن يحيى الوقاد وهو واهى الحديث.
(٣). قوله «و سوء الرعة» في الصحاح : يقال : فلان سيئ الرعة، أى : قليل الورع. وفيه : قيل ذلك الورع - بكسر الراء - : الرجل التقى. وقد ورع يرع - بالكسر فيهما - ورعا ورعة. (ع)
(٤). تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الثاني صفحة ٣٩٠ فراجعه إن شئت اه مصححه.